ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِيهَا عَاثَتْ قَبِيلَةٌ يُقَالُ لَهَا: بَنُو نُمَيْرٍ بِالْيَمَامَةِ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، فَكَتَبَ الْوَاثِقُ إِلَى بُغَا الْكَبِيرِ وَهُوَ مُقِيمٌ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، فَحَارَبَهُمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، وَأَسَرَ مِنْهُمْ آخَرِينَ، وَهَزَمَ بَقِيَّتَهُمْ، ثُمَّ الْتَقَى مَعَ بَنِي تَمِيمٍ وَهُوَ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ وَهُمْ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ طَوِيلَةٌ، ثُمَّ كَانَ الظَّفَرُ لَهُ عَلَيْهِمْ آخِرًا، وَذَلِكَ فِي النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى بَغْدَادَ وَمَعَهُ مِنْ أَعْيَانِ رُءُوسِ الْعَرَبِ فِي الْأَسْرِ وَالْقُيُودِ، وَقَدْ قَتَلَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فِي الْوَقَائِعِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا مَا يُنَيِّفُ عَلَى أَلْفَيْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَنُمَيْرٍ، وَكِلَابٍ، وَمُرَّةَ، وَفَزَارَةَ، وَثَعْلَبَةَ، وَطَيِّئٍ، وَتَمِيمٍ، وَغَيْرِهِمْ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَصَابَ الْحَجِيجَ فِي الرُّجُوعِ عَطَشٌ شَدِيدٌ حَتَّى بِيعَتِ الشَّرْبَةُ بِالدَّنَانِيرِ الْكَثِيرَةِ، وَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعَطَشِ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ.