ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِيهَا وَقَعَتْ مُفَادَاةٌ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا بِأَيْدِي الرُّومِ عَلَى يَدَيِ الْأَمِيرِ خَاقَانَ الْخَادِمِ، وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ عِدَّةُ الْأُسَارَى الَّذِينَ اسْتُنْقِذُوا مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أَسِيرًا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الْخُزَاعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيُّ وَجَدُّهُ مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ مِنْ أَكْبَرِ الدُّعَاةِ فِي النَّاسِ إِلَى دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَكَانَتْ لَهُ وَجَاهَةٌ وَرِيَاسَةٌ، وَكَانَ أَبُوهُ نَصْرُ بْنُ مَالِكٍ يَغْشَاهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ بَايَعَهُ الْعَامَّةُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ عَلَى الْقِيَامِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ حِينَ كَثُرَتِ الدُّعَّارُ وَالشُّطَّارُ فِي أَرْجَاءِ بَغْدَادَ فِي زَمَانِ غَيْبَةِ الْمَأْمُونِ عَنْ بَغْدَادَ كَمَا قَدَّمْنَا بَسْطَ ذَلِكَ، وَبِهِ تُعْرَفُ سُوَيْقَةُ نَصْرٍ بِبَغْدَادَ.
وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّيَانَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالِاجْتِهَادِ