وَقَدْ جَمَعَ الصُّولِيُّ شِعْرَ أَبِي تَمَّامٍ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ. قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خِلِّكَانَ وَقَدِ امْتَدَحَ أَحْمَدَ بْنَ الْمُعْتَصِمِ - وَيُقَالُ: ابْنَ الْمَأْمُونِ - بِقَصِيدَتِهِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:
إِقْدَامُ عَمْرٍو فِي سَمَاحَةِ حَاتِمٍ ... فِي حِلْمِ أَحْنَفَ فِي ذَكَاءِ إِيَاسِ
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ: أَتَقُولُ هَذَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ أَكْبَرُ قَدْرًا مِنْ هَؤُلَاءِ. فَأَطْرَقَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ:
لَا تُنْكِرُوا ضَرْبِي لَهُ مَنْ دُونَهُ ... مَثَلًا شَرُودًا فِي النَّدَى وَالْبَاسِ
فَاللَّهُ قَدْ ضَرَبَ الْأَقَلَّ لِنُورِهِ ... مَثَلًا مِنَ الْمِشْكَاةِ وَالنِّبْرَاسِ
فَلَمَّا أَخَذُوا مِنْهُ الْقَصِيدَةَ لَمْ يَجِدُوا فِيهَا هَذَيْنَ الْبَيْتَيْنِ، وَإِنَّمَا قَالَهُمَا ارْتِجَالًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَعِيشُ هَذَا بَعْدَ هَذَا إِلَّا قَلِيلًا. فَكَانَ كَذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ امْتَدَحَ بِهَا بَعْضَ الْخُلَفَاءِ، فَأَقْطَعَهُ الْمَوْصِلَ فَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ، وَلَا أَصْلَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ لَهِجَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ كَالزَّمَخْشَرِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَشْيَاءَ مُسْتَطْرَفَةً مِنْ شِعْرِهِ الرَّائِقِ وَنَظْمِهِ الْفَائِقِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: