ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِيهَا دَخَلَ بُغَا الْكَبِيرُ وَمَعَهُ مَنْكَجُورُ، قَدْ أَعْطَى الطَّاعَةَ بِالْأَمَانِ.
وَفِيهَا عَزَلَ الْمُعْتَصِمُ جَعْفَرَ بْنَ دِينَارٍ عَنْ نِيَابَةِ الْيَمَنِ، وَغَضِبَ عَلَيْهِ، وَوَلَّى الْيَمَنَ إِيتَاخَ.
وَفِيهَا وَجَّهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ بِالْمَازَيَارِ، فَدَخَلَ بَغْدَادَ عَلَى بَغْلٍ بِإِكَافٍ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، فَضَرَبَهُ الْمُعْتَصِمُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَوْطًا ثُمَّ سُقِيَ الْمَاءَ حَتَّى مَاتَ، وَأَمَرَ بِصَلْبِهِ إِلَى جَنْبِ بَابَكَ الْخُرَّمِيَّ وَأَقَرَّ فِي ضَرْبِهِ أَنَّ الْأَفْشِينَ كَانَ يُكَاتِبُهُ وَيُحَسِّنُ لَهُ خَلْعَ الطَّاعَةِ، فَغَضِبَ الْمُعْتَصِمُ عَلَى الْأَفْشِينِ وَأَمَرَ بِسَجْنِهِ، فَبُنِيَ لَهُ مَكَانٌ كَالْمَنَارَةِ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ يُسَمَّى الْكَوَّةَ، إِنَّمَا يَسَعُهُ فَقَطْ، وَذَلِكَ حِينَ تَحَقَّقَ الْخَلِيفَةُ أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مُخَالَفَتَهُ وَالْخُرُوجَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَعْزِمُ عَلَى الذَّهَابِ إِلَى بِلَادِ الْخَزَرِ لِيَسْتَجِيشَ بِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَعَاجَلَهُ الْخَلِيفَةُ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَعَقَدَ لَهُ الْمُعْتَصِمُ مَجْلِسًا فِيهِ قَاضِيهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُوَادَ الْمُعْتَزِلِيُّ، وَوَزِيرُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الزَّيَّاتِ،