شَرَعَ يُؤَنِّبُهُ عَلَى مَا فَعَلَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَضَرْتَ أَبِي وَهُوَ جَدُّكَ وَقَدْ أُتِيَ بِرَجُلٍ ذَنْبُهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَنْبِي، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤَخِّرَ قَتْلَ هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى أُحَدِّثَكَ حَدِيثًا. فَقَالَ: قُلْ. فَقَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ: أَلَا لِيَقُمِ الْعَافُونَ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِلَى أَكْرَمِ الْجَزَاءِ، فَلَا يَقُومُ إِلَّا مَنْ عَفَا» فَقَالَ الْمَأْمُونُ: قَدْ قَبِلْتُ هَذَا الْحَدِيثَ بِقَبُولِهِ، وَعَفَوْتُ عَنْكَ يَا عَمِّ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ زِيَادَةً عَلَى هَذَا. وَقَدْ كَانَتْ أَشْعَارُهُ جَيِّدَةً بَلِيغَةً، سَامَحَهُ اللَّهُ، وَقَدْ سَاقَ مِنْ ذَلِكَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِهِ " أَشْيَاءَ حَسَنَةً كَثِيرَةً.
كَانَ مَوْلِدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ هَذَا فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ أَيْضًا: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمِصْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو مَعْمَرٍ الْمُقْعَدُ.