الْمُبَارَكَةِ.
وَقَدْ رَكِبَ مَلِكُ الرُّومِ فِي جَيْشِهِ، فَقَصَدَ نَحْوَ الْمُعْتَصِمِ، فَتَقَارَبَا حَتَّى كَانَ بَيْنَ الْجَيْشَيْنِ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ، وَدَخَلَ الْأَفْشِينُ بِلَادَ الرُّومِ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، فَجَاءَ مِنْ وَرَاءِ مَلِكِ الرُّومِ، فَحَارَ فِي أَمْرِهِ وَضَاقَ ذَرْعُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ؛ إِنْ هُوَ نَاجَزَ الْخَلِيفَةَ جَاءَهُ الْأَفْشِينُ مِنْ خَلْفِهِ، فَالْتَقَيَا عَلَيْهِ فَيَهْلَكُ، وَإِنْ سَارَ إِلَى أَحَدِهِمَا، وَتَرَكَ الْآخَرَ أَخَذَهُ مِنْ وَرَائِهِ، ثُمَّ اقْتَرَبَ مِنْهُ الْأَفْشِينُ فَسَارَ إِلَيْهِ مَلِكُ الرُّومِ فِي شِرْذِمَةٍ مِنَ الْجَيْشِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى بَقِيَّتِهِ قَرِيبًا لَهُ، فَالْتَقَى هُوَ وَالْأَفْشِينُ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَثَبَتَ الْأَفْشِينُ فِي ثَانِي الْحَالِ، وَقَتَلَ مِنَ الرُّومِ خَلْقًا، وَجُرِحَ آخَرِينَ، وَتَفَلَّتَ فِئَةُ مَلِكِ الرُّومِ، وَبَلَغَهُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْجَيْشِ قَدْ شَرَدُوا عَنْ قَرَابَتِهِ وَذَهَبُوا عَنْهُ وَتَفَرَّقُوا عَلَيْهِ، فَأَسْرَعَ الْأَوْبَةَ، فَإِذَا نِظَامُ الْجَيْشِ قَدِ انْحَلَّ، فَغَضِبَ عَلَى قَرَابَتِهِ وَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى الْمُعْتَصِمِ، فَسَرَّهُ ذَلِكَ جِدًّا، فَرَكِبَ مِنْ