ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَالِثِ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ الْأَفْشِينُ عَلَى الْمُعْتَصِمِ سَامَرَّاءَ وَمَعَهُ بَابَكُ الْخُرَّمِيُّ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ، وَقَدْ أَمَرَ الْمُعْتَصِمُ ابْنَهُ هَارُونَ الْوَاثِقَ أَنْ يَتَلَقَّى الْأَفْشِينَ وَكَانَتْ أَخْبَارُهُ تَفِدُ إِلَى الْمُعْتَصِمِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ شِدَّةِ اعْتِنَاءِ الْمُعْتَصِمِ بِأَمْرِ بَابَكَ، وَقَدْ رَكِبَ الْمُعْتَصِمُ قَبْلَ وُصُولِ بَابَكَ بِيَوْمَيْنِ عَلَى الْبَرِيدِ حَتَّى دَخَلَ إِلَى بَابَكَ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ دُخُولِهِ عَلَيْهِ تَأَهَّبَ الْمُعْتَصِمُ وَاصْطَفَّ النَّاسُ سِمَاطَيْنِ، وَأَمَرَ بَابَكَ أَنْ يَرْكَبَ عَلَى فِيلٍ لِيَشْتَهِرَ أَمْرُهُ وَيَعْرِفُوهُ، وَعَلَيْهِ قَبَاءُ دِيبَاجٍ وَقَلَنْسُوَةُ سَمُّورٍ مُدَوَّرَةٌ، وَقَدْ هُيِّئَ الْفِيلُ، وَخُضِّبَتْ أَطْرَافُهُ، وَأُلْبِسَ مِنَ الْحَرِيرِ وَالْأَمْتِعَةِ الَّتِي تَلِيقُ بِهِ كَثِيرًا، وَقَدْ قَالَ فِيهِ بَعْضُهُمْ: