ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ
فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ دَخَلَ عُجَيْفٌ فِي السُّفُنِ إِلَى بَغْدَادَ وَمَعَهُ مِنْ الزُّطِّ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا قَدْ جَاءُوا بِالْأَمَانِ إِلَى الْخَلِيفَةِ فَأُنْزِلُوا فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ ثُمَّ نَفَاهُمُ الْخَلِيفَةُ إِلَى عَيْنِ زُرْبَةَ فَأَغَارَتْ الرُّومُ عَلَيْهِمْ فَاجْتَاحُوهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِمْ.
وَفِيهَا عَقَدَ الْمُعْتَصِمُ لِلْأَفْشِينِ وَاسْمُهُ حَيْدَرُ بْنُ كَاوَسَ عَلَى جَيْشٍ عَظِيمٍ لِقِتَالِ بَابَكَ الْخُرَّمِيَّ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَكَانَ قَدِ اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ جِدًّا، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ جِدًّا، وَانْتَشَرَتْ أَتْبَاعُهُ فِي بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ وَمَا وَالَاهَا، وَكَانَ أَوَّلُ ظُهُورِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَ زِنْدِيقًا كَبِيرًا وَشَيْطَانًا رَجِيمًا، فَسَارَ الْأَفْشِينُ وَقَدْ أَحْكَمَ صِنَاعَةَ الْحَرْبِ فِي الْأَرْصَادِ وَعِمَارَةِ الْحُصُونِ وَإِيصَالِ الْمَدَدِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُعْتَصِمُ بِاللَّهِ