ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ
فِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا رَكِبَ الْمَأْمُونُ فِي الْعَسَاكِرِ مِنْ بَغْدَادَ قَاصِدًا بِلَادَ الرُّومِ لِغَزْوِهِمْ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى بَغْدَادَ وَأَعْمَالِهَا إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُصْعَبٍ، فَلَمَّا كَانَ بِتَكْرِيتَ تَلَقَّاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَأَذِنَ لَهُ الْمَأْمُونُ فِي الدُّخُولِ عَلَى ابْنَتِهِ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْمَأْمُونِ وَكَانَ مَعْقُودَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَدَخَلَ بِهَا، وَأَخَذَهَا مَعَهُ إِلَى بِلَادِ الْحِجَازِ، وَتَلَقَّاهُ أَخُوهُ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ الرَّشِيدِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْمَوْصِلِ وَسَارَ الْمَأْمُونُ فِي جَحَافِلَ كَثِيرَةٍ إِلَى بِلَادِ طَرَسُوسَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا، وَفَتَحَ حِصْنًا هُنَاكَ عَنْوَةً وَأَمَرَ بِهَدْمِهِ، ثُمَّ رَجَعَ الْمَأْمُونُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ إِلَى دِمَشْقَ فَنَزَلَهَا وَعَمَرَ دَيْرَ مُرَّانَ بِسَفْحِ قَاسْيُونَ، وَأَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ.