نَسَبَهَا بَعْضُهُمْ إِلَى زَيْنِ الْعَابِدِينَ، وَلَيْسَتْ مِنْ سُلَالَتِهِ، وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَدَ فِيهَا مِنَ الصَّلَاحِ مَا يَلِيقُ بِأَمْثَالِهَا مِنَ النِّسَاءِ الصَّالِحَاتِ، وَأَصْلُ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ مِنَ الْمُغَالَاةِ فِي الْقُبُورِ وَأَصْحَابِهِا، وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَسْوِيَةِ الْقُبُورِ وَطَمْسِهَا. وَالْمُغَالَاةُ فِي الْبَشَرِ حَرَامٌ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا تَفُكُّ مِنَ الْخَشَبِ، أَوْ أَنَّهَا تَنْفَعُ أَوْ تَضُرُّ بِغَيْرِ مَشِيئَةِ اللَّهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ. رَحِمَهَا اللَّهُ وَأَكْرَمَهَا وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَنْزِلَهَا.
الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ كَيْسَانَ.
مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الَّذِي كَانَ زَوَالُ دَوْلَةِ الْبَرَامِكَةِ عَلَى يَدَيْهِ، وَقَدْ وَزَرَ مَرَّةً لِلرَّشِيدِ، وَقَدْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنَ الرَّشِيدِ، وَكَانَ شَدِيدَ التَّشَبُّهِ بِالْبَرَامِكَةِ، وَكَانُوا يَسْتَهِينُونَ بِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ جُهْدَهُ فِيهِمْ حَتَّى هَلَكُوا كَمَا تَقَدَّمَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّ الْفَضْلَ هَذَا دَخَلَ يَوْمًا عَلَى يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، وَابْنُهُ جَعْفَرٌ، يُوَقِّعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمَعَ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ عَشْرُ قِصَصٍ، فَلَمْ يَقْضِ لَهُ مِنْهَا وَاحِدَةً بَلْ يَتَعَلَّلُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، فَجَمَعَهُنَّ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ وَقَالَ: ارْجِعْنَ خَائِبَاتٍ خَاسِئَاتٍ. ثُمَّ نَهَضَ وَهُوَ يَقُولُ:
عَسَى وَعَسَى يَثْنِي الزَّمَانُ عِنَانَهُ ... بِتَصْرِيفِ حَالٍ وَالزَّمَانُ عَثُورُ
فَتُقْضَى لُبَانَاتٌ وَتُشْفَى حَسَائِفُ ... وَتَحْدُثُ مِنْ بَعْدِ الْأُمُورِ أُمُورُ