وَاخْتَلَفُوا عَلَى الْأَمِينِ فِي سَادِسِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ بَعْضُ الْبَغَادِدَةِ:
قُلْ لِأَمِينِ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ ... مَا شَتَّتَ الْجُنْدَ سِوَى الْغَالِيهْ
وَطَاهِرٌ نَفْسِي تَقِي طَاهِرًا ... بِرُسْلِهِ وَالْعُدَّةِ الْكَافِيهْ
أَضْحَى زِمَامُ الْمُلْكِ فِي كَفِّهِ ... مُقَاتِلًا لِلْفِئَةِ الْبَاغِيهْ
يَا نَاكِثًا أَسْلَمَهُ نَكْثُهُ ... عُيُوبُهُ فِي جَيْشِهِ فَاشِيهْ
قَدْ جَاءَكَ اللَّيْثُ بِشَدَّاتِهِ ... مُسْتَكْلِبًا فِي أُسُدٍ ضَارِيَهْ
فَاهْرَبْ وَلَا مَهْرَبَ مِنْ مِثْلِهِ ... إِلَّا إِلَى النَّارِ أَوِ الْهَاوِيَهْ
فَتَفَرَّقَ عَلَى الْأَمِينِ شَمْلُهُ، وَحَارَ فِي أَمْرِهِ، وَجَاءَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بِجُيُوشِهِ، فَنَزَلَ عَلَى بَابِ الْأَنْبَارِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَاشْتَدَّ الْحَالُ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ، وَأَخَذَتِ الدُّعَّارُ وَالشُّطَّارُ أَهْلَ الصَّلَاحِ، وَخُرِّبَتِ الدِّيَارُ، وَثَارَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى قَاتَلَ الْأَخُ أَخَاهُ، وَالِابْنُ أَبَاهُ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، مِنْ قِبَلِ طَاهِرٍ، وَدَعَا لِلْمَأْمُونِ بِالْخِلَافَةِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ