يَتَأَلَّفُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ وَقَعَتْ حُرُوبٌ كَانَ مَبْدَؤُهَا مِنْ أَهْلِ حِمْصَ وَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ وَطَالَ الْقِتَالُ بَيْنَ النَّاسِ، وَمَاتَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحٍ هُنَالِكَ، فَرَجَعَ الْجَيْشُ إِلَى بَغْدَادَ صُحْبَةَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ، فَتَلَقَّاهُ أَهْلُ بَغْدَادَ بِالْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا جَاءَهُ رَسُولُ الْأَمِينِ يَطْلُبُهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِمُسَامِرٍ وَلَا مُضْحِكٍ، وَلَا وَلِيتُ لَهُ عَمَلًا وَلَا جَاءَ لَهُ عَلَى يَدَيَّ مَالٌ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ يُرِيدُنِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ؟
ذِكْرُ سَبَبِ خَلْعِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ وَكَيْفَ أَفْضَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى أَخِيهِ الْمَأْمُونِ
لَمَّا أَصْبَحَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى الْأَمِينِ لَمَّا طَلَبَهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَقْدَمِهِ بِالْجَيْشِ مِنْ الرَّقَّةِ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا وَأَلَّبَهُمْ عَلَى الْأَمِينِ، وَذَكَرَ لَعِبَهُ وَمَا يَتَعَاطَاهُ مِنَ اللَّهْوِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي، وَأَنَّهُ لَا تَصْلُحُ الْخِلَافَةُ لِمَنْ هَذَا حَالُهُ، وَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُوقِعَ الْبَأْسَ بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ حَثَّهُمْ عَلَى الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَالنُّهُوضِ إِلَيْهِ، وَنَدَبَهُمْ لِذَلِكَ، فَالْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ، وَبَعَثَ مُحَمَّدٌ الْأَمِينُ إِلَيْهِ خَيْلًا، فَاقْتَتَلُوا مَلِيًّا مِنَ النَّهَارِ، فَأَمَرَ الْحُسَيْنُ