رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ» وَفِي لَفْظٍ: «إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ» فَأَخْبَرَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تُورَثُ أَمْوَالُهُمْ عَنْهُمْ كَمَا يُورَثُ غَيْرُهُمْ، بَلْ تَكُونُ أَمْوَالُهُمْ صَدَقَةً مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَحَاوِيجِ، لَا يَخُصُّونَ بِهَا أَقْرِبَاءَهُمْ ; لِأَنَّ الدُّنْيَا كَانَتْ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ وَأَحْقَرَ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا هِيَ عِنْدَ الَّذِي أَرْسَلَهُمْ وَاصْطَفَاهُمْ وَفَضَّلَهُمْ. وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: 16] يَعْنِي أَنَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يَعْرِفُ مَا تَتَخَاطَبُ بِهِ الطُّيُورُ بِلُغَاتِهَا، وَيُعَبِّرُ لِلنَّاسِ عَنْ مَقَاصِدِهَا وَإِرَادَاتِهَا.
وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قُدَامَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْأُسْوَانِيُّ - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ، قَالَ: مَرَّ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بِعُصْفُورٍ يَدُورُ حَوْلَ عُصْفُورَةٍ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ؟ قَالُوا: وَمَا يَقُولُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ يَخْطُبُهَا إِلَى نَفْسِهِ، وَيَقُولُ: زَوِّجِينِي أُسْكِنْكِ أَيَّ غُرَفِ دِمَشْقَ شِئْتِ. قَالَ سُلَيْمَانُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لِأَنَّ غُرَفَ دِمَشْقَ مَبْنِيَّةٌ بِالصَّخْرِ، لَا يَقْدِرُ أَنْ يَسْكُنَهَا أَحَدٌ، وَلَكِنْ كَلُّ