لَا يَجْتَلِي الْحَوْرَاءَ مِنَ خِدْرِهَا
إِلَّا امْرُؤٌ مِيْزَانُهُ رَاجِحُ ... مَنِ اتَّقى اللَّهَ فَذَاكَ الَّذِي
سِيقَ إِلَيهِ الْمَتْجَرُ الرَّابِحُ ... فَاغْدُ فَمَا فِي الدِّينِ أُغْلُوطَةٌ
وَرُحْ لِمَا أَنْتَ لَهُ رَائِحُ
وَقَدِ اسْتَنْشَدَهُ أَبُو هِفَّانَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَقُولُ فِي أَوَّلِهَا:
لَا تَنْسَ لَيْلَى وَلَا تَطْرَبْ إِلَى هِنْدٍ
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا سَجَدَ لَهُ أَبُو هِفَّانَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو نُوَاسٍ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ مُدَّةً. قَالَ: فَغَمَّنِي ذَلِكَ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الِانْصِرَافَ قَالَ: مَتَى أَرَاكَ؟ فَقُلْتُ: أَلَمْ تُقْسِمْ؟ فَقَالَ: الدَّهْرُ أَقْصَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ هَجْرٌ.
وَمِنْ مُسْتَجَادِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
أَيَا رُبَّ وَجْهٍ فِي التُّرَابِ عَتِيقِ ... وَيا رُبَّ حُسْنٍ فِي التُّرَابِ رَقِيقِ
وَيَا رُبَّ حَزْمٍ فِي التُّرَابِ وَنَجْدَةٍ ... وَيَا رُبَّ رَأيٍ فِي التُّرَابِ وَثِيقِ
أَرَى كُلَّ حَيٍّ هَالِكاً وَابْنَ هَالِكٍ ... وَذَا حَسَبٍ فِي الْهَالِكِينَ عَرِيقِ
فَقُلْ لِقَرِيبِ الدَّارِ إِنَّكَ ظَاعِنٌ ... إِلَى سَفَرٍ نَائِي الْمَحَلِّ سَحِيقِ