الشِّعْرَ إِلَى آخِرِهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ رَآهُ أَخُوهُ مُوسَى الْهَادِي، وَأَبُوهُ مُحَمَّدٌ الْمَهْدِيُّ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ أَمَرَ بِحَفْرِ قَبْرِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَأَمَرَ بِقِرَاءَةِ خَتْمَةٍ فِيهِ، وَأَنَّهُ حُمِلَ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ فَجَعَلَ يَقُولُ: إِلَى هَاهُنَا تَصِيرُ يَابْنَ آدَمَ! وَيَبْكِي، وَأَمَرَ أَنْ يُوَسَّعَ عِنْدَ صَدْرِهِ، وَأَنْ يُمَدَّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 28]
[الْحَاقَّةِ: 28، 29] وَيَبْكِي.
وَيُقَالُ: إِنَّ آخَرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ حِينَ احْتُضِرَ: اللَّهُمَّ انْفَعْنَا بِالْإِحْسَانِ، وَاغْفِرْ لَنَا الْإِسَاءَةَ، يَا مَنْ لَا يَمُوتُ، ارْحَمْ مَنْ يَمُوتُ.
وَكَانَ مَرَضُهُ بِالدَّمِ، وَقِيلَ: بِالسُّلِّ. وَكَانَ جِبْرِيلُ بْنُ بَخْتَيْشُوعَ يَكْتُمُهُ مَا بِهِ مِنَ الْعِلَّةِ، فَأَمَرَ الرَّشِيدُ رَجُلًا أَنْ يَأْخُذَ مَاءَهُ فِي قَارُورَةٍ، وَيَذْهَبَ بِهِ إِلَى جِبْرِيلَ فَيُرِيَهُ إِيَّاهُ، عَلَى أَنَّهُ لِمَرِيضٍ عِنْدَهُ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ: هَذَا مِثْلُ مَاءِ ذَلِكَ الرَّجُلِ. فَفَهِمَ صَاحِبُ الْقَارُورَةِ مَنْ عَنَى بِهِ، فَقَالَ لَهُ: بِاللَّهِ عَلَيْكَ أَخْبِرْنِي عَنْ حَالِ صَاحِبِ هَذَا الْمَاءِ؛ فَإِنَّ لِي عَلَيْهِ مَالًا، فَإِنْ كَانَ بِهِ رَجَاءٌ، وَإِلَّا أَخَذْتُهُ مِنْهُ. فَقَالَ: اذْهَبْ فَتَخَلَّصْ مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَعِيشُ إِلَّا أَيَّامًا. فَلَمَّا جَاءَ، وَأَخْبَرَ الرَّشِيدَ، بَعَثَ إِلَى جِبْرِيلَ فَتَغَيَّبَ حَتَّى مَاتَ الرَّشِيدُ. وَقَدْ قَالَ الرَّشِيدُ فِي هَذِهِ الْحَالِ:
إِنِّي بِطُوسَ مُقِيمٌ مَا لِي ... بِطُوسَ حَمِيمُ أَرْجُو إِلَهِي
لِمَا بِي فَإِنَّهُ بِي رَحِيمُ