عَرَبِ خُرَاسَانَ وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ لَطِيفًا ظَرِيفًا مَقْبُولًا، حَسَنَ الشَّعْرِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ: لَوْ قِيلَ لِي مَنْ أَحْسَنُ النَّاسِ شِعْرًا تَعْرِفُهُ؟ لَقُلْتُ: الْعَبَّاسُ
قَدْ سَحَّبَ النَّاسُ أَذْيَالَ الظُّنُونِ بِنَا ... وَفَرَّقَ النَّاسُ فِينَا قَوْلَهُمْ فِرَقَا
فَكَاذِبٌ قَدْ رَمَى بِالْحُبِّ غَيْرَكُمْ ... وَصَادِقٌ لَيْسَ يَدْرِي أَنَّهُ صَدَقَا
وَقَدْ طَلَبَهُ الرَّشِيدُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ، فَانْزَعَجَ لِذَلِكَ وَخَافَ نِسَاؤُهُ، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ، إِنَّهُ قَدْ عَنَّ لِي بَيْتٌ فِي جَارِيَةٍ لِي، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَشْفَعَهُ بِمِثْلِهِ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا خِفْتُ قَطُّ أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ اللَّيْلَةِ. فَقَالَ: وَلِمَ؟ فَذَكَرَ لَهُ دُخُولَ الْحَرَسِ عَلَيْهِ فِي اللَّيْلِ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى سَكَنَ رَوْعُهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا قُلْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ:
جِنَانٌ قَدْ رَأَيْنَاهَا ... فَلَمْ نَرَ مِثْلَهَا بَشَرَا
فَقَالَ الْعَبَّاسُ:
يَزِيدُكَ وَجْهُهَا حُسْنًا ... إِذَا مَا زِدْتَهُ نَظَرَا
فَقَالَ الرَّشِيدُ: زِدْ. فَقَالَ:
إِذَا مَا اللَّيْلُ مَالَ عَلَيْ ... كَ بِالْإِظْلَامِ وَاعْتَكَرَا
وَدَجَّ فَلَمْ تَرَ قَمَرًا ... فَأَبْرِزْهَا تَرَى قَمَرَا