وَنَقَضَ أَهْلُ قُبْرُسَ الْعَهْدَ، فَغَزَاهُمْ مَعْيُوفُ بْنُ يَحْيَى، فَسَبَى أَهْلَهَا، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرَّشِيدُ مَنْ قَتَلَهُ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عِيسَى بْنُ مُوسَى الْهَادِي.
أَسَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، أَبُو الْمُنْذِرِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ،
صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَحَكَمَ بِبَغْدَادَ وَبِوَاسِطَ، فَلَمَّا أَنْكَرَ بَصَرَهُ عَزَلَ نَفْسَهُ عَنِ الْقَضَاءِ، وَرَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ: كَانَ صَدُوقًا. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ عَلِيٌّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيُّ.
سَعْدُونُ الْمَجْنُونُ، صَامَ سِتِّينَ سَنَةً، فَخَفَّ دِمَاغُهُ، فَسَمَّاهُ النَّاسُ الْمَجْنُونَ. وَقَفَ يَوْمًا عَلَى حَلْقَةِ ذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ فَسَمِعَ كَلَامَهُ، فَصَرَخَ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
وَلَا خَيْرَ فِي شَكْوَى إِلَى غَيْرِ مُشْتَكَى ... وَلَا بُدَّ مِنْ شَكْوَى إِذَا لَمْ يَكُنْ صَبْرُ
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: مَرَرْتُ بِهِ وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَأْسِ شَيْخٍ سَكْرَانَ يَذُبُّ عَنْهُ، فَقُلْتُ: مَا لِي أَرَاكَ عِنْدَ رَأْسِ هَذَا الشَّيْخِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مَجْنُونٌ. فَقُلْتُ: