وَكَانَ يَقُولُ لِأَهْلِهِ: لَا تَسْأَلُونِي حَاجَةً مِنْ حَاجَاتِ الدُّنْيَا فَتَشْغَلُوا قَلْبِي، وَخُذُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ وَكِيلِي، فَإِنَّهُ أَقَلُّ لِهَمِّي وَأَفْرَغُ لِقَلْبِي. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا رَأَيْتُ حَبْرًا سَمِينًا مِثْلَهُ، وَلَا رَأَيْتُ أَخَفَّ رُوحًا مِنْهُ، وَلَا أَفْصَحَ مِنْهُ، كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ كَأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَتِهِ.
وَقَالَ أَيْضًا: مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، كَانَ يَمْلَأُ الْعَيْنَ وَالْقَلْبَ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: كَانَ الشَّافِعِيُّ قَدْ طَلَبَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ كِتَابَ السِّيَرِ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى الْإِعَارَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
قُلْ لِلَّذِي لَمْ تَرَ عَيْ ... نَا مَنْ رَآهُ مِثْلَهُ
حَتَّى كَأَنَّ مَنْ رَآهُ ... قَدْ رَأَى مَنْ قَبْلَهْ
الْعِلْمُ يَنْهَى أَهْلَهُ أَنْ يَمْنَعُوهُ أَهْلَهْ ... لَعَلَّهُ
يَبْذُلُهُ لِأَهْلِهِ لَعَلَّهْ
قَالَ: فَوَجَّهَ بِهِ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ هَدِيَّةً لَا عَارِيَّةً.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ هَذِهِ الْمَسَائِلُ