فِيهَا خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ مِنْ مَرْوَ لِحَرْبِ أَبِي الْخَصِيبِ إِلَى نَسَا، فَقَاتَلَهُ بِهَا، وَسَبَى نِسَاءَهُ وَذَرَارِيَّهُ، وَاسْتَقَامَتْ خُرَاسَانُ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونُ الرَّشِيدُ، وَمَعَهُ ابْنَاهُ مُحَمَّدٌ الْأَمِينُ وَعَبْدُ اللَّهِ الْمَأْمُونُ، فَبَلَغَ جُمْلَةُ مَا أَعْطَى لِأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ أَلْفَ أَلْفَ دِينَارٍ وَخَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي، ثُمَّ يَذْهَبُ النَّاسُ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى وَلَدِهِ الْأَمِينِ فَيُعْطِي، ثُمَّ يَذْهَبُونَ إِلَى وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ فَيُعْطِي.
وَكَانَ إِلَى الْأَمِينِ وِلَايَةُ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَإِلَى الْمَأْمُونِ مِنْ هَمَذَانَ إِلَى بِلَادِ الْمَشْرِقِ. ثُمَّ بَايَعَ الرَّشِيدُ لِوَلَدِهِ الْقَاسِمِ مِنْ بَعْدِ أَخَوَيْهِ، وَلَقَّبَهُ الْمُؤْتَمَنَ، وَوَلَّاهُ الْجَزِيرَةَ وَالثُّغُورَ وَالْعَوَاصِمَ، وَكَانَ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ابْنَهُ الْقَاسِمَ هَذَا كَانَ فِي حِجْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ، فَلَمَّا بَايَعَ الرَّشِيدُ لِوَلَدَيْهِ الْأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ كَتَبَ إِلَيْهِ:
يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الَّذِي ... لَوْ كَانَ نَجْمًا كَانَ سَعْدَا
اعْقِدْ لِقَاسِمِ بَيْعَةً ... وَاقْدَحْ لَهُ فِي الْمُلْكِ زَنْدَا
اللَّهُ فَرْدٌ وَاحِدٌ ... فَاجَعَلْ وُلَاةَ الْعَهْدِ فَرْدَا