فِيهَا رَجَعَ الرَّشِيدُ مِنَ الرَّقَّةِ إِلَى بَغْدَادَ، فَأَخَذَ النَّاسَ بِأَدَاءِ بَقَايَا الْخَرَاجِ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَوَلَّى رَجُلًا يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْبِسُ، وَوَلَّى عَلَى أَطْرَافِ الْبِلَادِ، وَعَزَلَ وَقَطَعَ وَوَصَلَ.
وَخَرَجَ بِالْجَزِيرَةِ أَبُو عَمْرٍو الشَّارِي، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرَّشِيدُ مَنْ قَتَلَهُ بِشَهْرَزُورَ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ الْعَبَّاسِيُّ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ كَانَ زَاهِدًا عَابِدًا قَدْ تَنَسَّكَ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ، يَعْمَلُ فِي الطِّينِ، وَلَيْسَ يَمْلِكُ إِلَّا مَرًّا وَزِنْبِيلًا - أَيْ مِجْرَفَةً وَقُفَّةً - وَكَانَ أُجْرَتُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَعْمَلُ فِيهِ مِنَ الْجُمْعَةِ إِلَى الْجُمْعَةِ دِرْهَمًا وَدَانِقًا، وَكَانَ لَا يَعْمَلُ إِلَّا فِي يَوْمِ السَّبْتِ فَقَطْ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْعِبَادَةِ بَقِيَّةَ أَيَّامِ الْجُمْعَةِ، وَكَانَ مِنْ زُبَيْدَةَ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنَ امْرَأَةٍ غَيْرِهَا كَانَ الرَّشِيدُ قَدْ أَحَبَّهَا فَتَزَوَّجَهَا سِرًّا، فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِهَذَا الْغُلَامِ ثُمَّ أَحْدَرَهَا إِلَى الْبَصْرَةِ وَأَعْطَاهَا خَاتَمًا مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، وَأَشْيَاءَ مَعَهَا