يَا أَبَهْ. فَقَالَ الرَّشِيدُ: هَذَا هُوَ الْفَخْرُ يَا أَبَا الْحَسَنِ. ثُمَّ لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ حَتَّى اسْتَدْعَاهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ، وَسَجَنَهُ فَأَطَالَ سِجْنَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُوسَى رِسَالَةً يَقُولُ فِيهَا: أَمَّا بَعْدُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ لَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي يَوْمٌ مِنَ الْبَلَاءِ إِلَّا انْقَضَى عَنْكَ يَوْمٌ مِنَ الرَّخَاءِ، حَتَّى يُفْضِيَ بِنَا ذَلِكَ إِلَى يَوْمٍ يَخْسَرُ فِيهِ الْمُبْطِلُونَ. تُوُفِّيَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِبَغْدَادَ، وَقَبْرُهُ هُنَاكَ مَشْهُورٌ.
هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرِ بْنِ أَبِي خَازِمٍ الْقَاسِمِ بْنِ دِينَارٍ، أَبُو مُعَاوِيَةَ السُّلَمِيُّ الْوَاسِطِيُّ، كَانَ أَبُوهُ طَبَّاخًا لِلْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ، ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَبِيعُ الصَّحْنَاةَ وَالْكَوَامِخَ، وَكَانَ يَمْنَعُ ابْنَهُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ لِيُسَاعِدَهُ عَلَى صِنَاعَتِهِ، فَيَأْبَى إِلَّا أَنْ يَسْمَعَ الْحَدِيثَ. فَاتَّفَقَ أَنَّ هُشَيْمًا مَرِضَ، فَجَاءَهُ أَبُو شَيْبَةَ قَاضِي وَاسِطَ لِيَعُودَهُ، وَمَعَهُ خَلْقٌ مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ بَشِيرٌ فَرِحَ بِذَلِكَ وَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، أَبَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ أَنْ جَاءَ الْقَاضِي إِلَى مَنْزِلِي؟! لَا أَمْنَعُكَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ.
كَانَ مِنْ سَادَاتِ الْعُلَمَاءِ، حَدَّثَ عَنْهُ; مَالِكٌ، وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ، وَكَانَ مِنَ الصُّلَحَاءِ الْعُبَّادِ. مَكَثَ يُصَلِّي