وَلَكِنِّي كُنْتُ اغْتَلْتُ أَبَاهُ قَبْلَ هَذَا فَقَتَلْتُهُ. فَأَمَرَ بِهِ دَاوُدُ فَقُتِلَ ; فَعَظُمَ أَمْرُ دَاوُدَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ جِدًّا، وَخَضَعُوا لَهُ خُضُوعًا عَظِيمًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} [ص: 20] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} [ص: 20] ، أَيِ النُّبُوَّةَ. {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20] قَالَ شُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20] الشُّهُودُ وَالْأَيْمَانُ. يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ: هُوَ إِصَابَةُ الْقَضَاءِ وَفَهْمُهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْفَصْلُ فِي الْكَلَامِ وَفِي الْحُكْمِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّهُ قَوْلُ: أَمَّا بَعْدُ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: لَمَّا كَثُرَ الشَّرُّ وَشَهَادَاتُ الزُّورِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، أُعْطِيَ دَاوُدُ سِلْسِلَةٌ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، فَكَانَتْ مَمْدُودَةً مِنَ السَّمَاءِ إِلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا تَشَاجَرَ الرَّجُلَانِ فِي حَقٍّ، فَأَيُّهُمَا كَانَ مُحِقًّا نَالَهَا، وَالْآخَرُ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا، فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَوْدَعَ رَجُلٌ رَجُلًا لُؤْلُؤَةً، فَجَحَدَهَا مِنْهُ، وَاتَّخَذَ عُكَّازًا وَأَوْدَعَهَا فِيهِ، فَلَمَّا حَضَرَا عِنْدَ السِّلْسِلَةِ تَنَاوَلَهَا الْمُدَّعِي، فَلَمَّا قِيلَ لِلْآخَرِ: خُذْهَا بِيَدِكَ. عَمَدَ إِلَى الْعُكَّازِ، فَأَعْطَاهُ الْمُدَّعِي وَفِيهِ تِلْكَ اللُّؤْلُؤَةُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّلْسِلَةَ فَنَالَهَا، فَأَشْكَلَ أَمْرُهَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ رُفِعَتْ سَرِيعًا مِنْ بَيْنِهِمْ. ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَدْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ وَهْبٍ بِهِ بِمَعْنَاهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015