أَمْسَيْتُ فِي أَهْلِ الْبِلَى ... وَغَدَوْتِ فِي الْحُورِ الْغَرَائِرْ
لَا يَهْنِكِ الْإِلْفُ الْجَدِي ... دُ وَلَا تَدُرْ عَنْكِ الدَّوَائِرْ
وَلَحِقْتِ بِي قَبْلَ الصَّبَا ... حِ وَصِرْتِ حَيْثُ غَدَوْتُ صَائِرْ
فَقَالَ لَهَا الرَّشِيدُ: إِنَّمَا هَذَا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ. فَقَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَكَأَنَّمَا كُتِبَتٍ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَلْبِي. ثُمَّ مَا زَالَتْ تَضْطَرِبُ وَتَرْتَعِدُ حَتَّى مَاتَتْ قَبْلَ الصَّبَاحِ.
هَيْلَانَةُ جَارِيَةُ الرَّشِيدِ، وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهَا هَيْلَانَةَ لِكَثْرَةِ قَوْلِهَا: هِيَ لَانَةُ.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَكَانَ لَهَا مُحِبًّا، وَكَانَتْ قَبْلَهُ لِيَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، فَدَخَلَ الرَّشِيدُ يَوْمًا مَنْزِلَهُ قَبْلَ الْخِلَافَةِ، فَاعْتَرَضَتْهُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَتْ: أَمَا لَنَا مِنْكَ نَصِيبٌ؟ فَقَالَ لَهَا؟ وَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ: اسْتَوْهِبْنِي مِنْ هَذَا الشَّيْخِ. فَاسْتَوْهَبَهَا مِنْ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، فَوَهَبَهَا لَهُ فَحَظِيَتْ عِنْدَهُ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ، فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا وَرَثَاهَا وَاسْتَرْثَاهَا، وَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ فِيهَا:
قَدْ قُلْتُ لَمَّا ضَمَّنُوكِ الثَّرَى ... وَجَالَتِ الْحَسْرَةُ فِي صَدْرِي
اذْهَبْ فَلَا وَاللَّهِ لَا سَرَّنِي ... بَعْدَكِ شَيْءٌ آخِرَ الدَّهْرِ
وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْأَحْنَفِ فِي مَوْتِهَا: