فِيهَا حُصِرَ الْمُقَنَّعُ الزِّنْدِيقُ الَّذِي كَانَ قَدْ نَبَغَ بِخُرَاسَانَ وَقَالَ بِالتَّنَاسُخِ، وَاتَّبَعَهُ عَلَى جَهَالَتِهِ وَضَلَالَتِهِ خَلْقٌ مِنَ الطَّغَامِ وَسُفَهَاءِ الْأَنَامِ، وَالسَّفِلَةِ مِنَ الْعَوَامِّ، وَمَنَعُوهُ مِنَ الْجُنُودِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ، فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَجَأَ إِلَى قَلْعَةِ كَشٍّ، فَحَاصَرَهُ سَعِيدٌ الْحَرِشِيُّ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فِي الْحِصَارِ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِالْغَلَبَةِ تَحَسَّى سُمًّا وَسَمَّ نِسَاءَهُ، فَمَاتُوا جَمِيعًا، عَلَيْهِمْ لِعَائِنُ اللَّهِ. وَدَخَلَ الْجَيْشُ الْإِسْلَامِيُّ قَلْعَتَهُ، فَاحْتَزُّوا رَأَسَهُ، وَبَعَثُوا بِهِ إِلَى الْمَهْدِيِّ، وَكَانَ الْمَهْدِيُّ حِينَ جَاءَهُ رَأْسُ الْمُقَنَّعِ بِحَلَبَ.
قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: الْمُقَنَّعُ الْخُرَاسَانِيُّ قِيلَ: اسْمُهُ عَطَاءٌ. وَقِيلَ: حَكِيمٌ. وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَكَانَ أَوَّلًا قَصَّارًا، ثُمَّ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ أَعْوَرَ قَبِيحَ الْمَنْظَرِ، وَكَانَ يَتَّخِذُ لَهُ وَجْهًا مِنْ ذَهَبٍ، وَاتَّبَعَهُ عَلَى جَهَالَتِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ