وَكَرِّرْ عَلَى قَلْبِكَ ذِكْرَ نُعُوتِهَا وَأَوْصَافِهَا، فَإِنَّهَا الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ، وَالْمُورِدَةُ مَنْ أَطَاعَهَا مَوَارِدَ الْعَطَبِ وَالْبَلَاءِ، وَاعْمِدْ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ إِلَى تَحَرِّي الصِّدْقِ، وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدْ ضَمِنَ اللَّهُ لِمَنْ خَالَفَ هَوَاهُ أَنْ يَجْعَلَ دَارَ الْخُلْدِ قَرَارَهُ وَمَأْوَاهُ. ثُمَّ أَنْشَدَ لِنَفْسِهِ:
إِنْ كُنْتَ تَبْغِي الرَّشَادَ مَحْضًا ... فِي أَمْرِ دُنْيَاكَ وَالْمَعَادِ
فَخَالِفِ النَّفْسَ فِي هَوَاهَا ... إِنَّ الْهَوَى جَامِعُ الْفَسَادِ
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: الْمَحْفُوظُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: سَنَةَ إِحْدَى. وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلَاثٍ. وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، كَمَا ذَكَرْنَا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَذَكَرُوا أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِجَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ بَحْرِ الرُّومِ وَهُوَ مُرَابِطٌ، وَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى الْخَلَاءِ لَيْلَةَ وَفَاتِهِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً، وَكُلُّ مَرَّةٍ يُجَدِّدُ الْوُضُوءَ بَعْدَهَا، فَلَمَّا غَشِيَهُ الْمَوْتُ قَالَ: أَوْتِرُوا لِي قَوْسِي. وَقَبَضَ عَلَى الْقَوْسِ، وَمَاتَ وَهُوَ كَذَلِكَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: سَمِعَتْ السِّرِيَّ بْنَ حَيَّانَ يَقُولُ - وَكَانَ سُفْيَانُ مُعْجَبًا بِهِ -: