وَقَالَتْ زُبَيْدَةُ لِمَنْصُورٍ النَّمَرِيِّ: قُلْ شِعْرًا تُحَبِّبُ فِيهِ بَغْدَادَ إِلَى الرَّشِيدِ، فَقَدِ اخْتَارَ سُكْنَى الرَّافِقَةِ. فَقَالَ:

مَاذَا بِبَغْدَادَ مِنْ طِيبِ الْأَفَانِينِ ... وَمِنْ مَنَازِلَ لِلدُّنْيَا وَلِلدِّينِ

تُحْيِي الرِّيَاحُ بِهَا الْمَرْضَى إِذَا نَسَمَتْ ... وَجَوَّشَتْ بَيْنَ أَغْصَانِ الرَّيَاحِينِ

قَالَ: فَأَعْطَتْهُ أَلْفَيْ دِينَارٍ.

وَقَالَ الْخَطِيبُ: وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ طَاهِرِ بْنِ مُظَفَّرِ بْنِ طَاهِرٍ الْخَازِنِ بِخَطِّهِ مِنْ شِعْرِهِ:

سَقَى اللَّهُ صَوْبَ الْغَادِيَاتِ مَحَلَّةً ... بِبَغْدَادَ بَيْنَ الْكَرْخِ فَالْخُلْدِ فَالْجِسْرِ

هِيَ الْبَلْدَةُ الْحَسْنَاءُ خُصَّتْ لِأَهْلِهَا ... بِأَشْيَاءَ لَمْ يُجْمَعْنَ مُذْ كُنَّ فِي مِصْرِ

هَوَاءٌ رَقِيقٌ فِي اعْتِدَالٍ وَصِحَّةٍ ... وَمَاءٌ لَهُ طَعْمٌ أَلَذُّ مِنَ الْخَمْرِ

وَدِجْلَتُهَا شَطَّانِ قَدْ نُظِمَا لَنَا ... بِتَاجٍ إِلَى تَاجٍ وَقَصْرٍ إِلَى قَصْرِ

ثَرَاهَا كَمِسْكٍ وَالْمِيَاهُ كَفِضَّةٍ ... وَحَصْبَاؤُهَا مِثْلُ الْيَوَاقِيتِ وَالدُّرِّ

وَقَدْ أَوْرَدَ الْخَطِيبُ فِي هَذَا أَشْعَارًا كَثِيرَةً، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ.

وَقَدْ كَانَ الْفَرَاغُ مِنْ بِنَاءِ بَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015