بِاللَّهِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْفُرُشِ وَالسُّتُورِ وَالْخَدَمِ وَالْمَمَالِيكِ، وَالْحِشْمَةِ الْبَاذِخَةِ، وَأَنَّهُ كَانَ بِهَا أَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ طَوَاشِيٍّ، وَسَبْعُمِائَةِ حَاجِبٍ، وَأَمَّا الْمَمَالِيكُ فَأُلُوفٌ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي مَوْضِعِهِ بَعْدَ سَنَةِ ثَلَاثِمِائَةٍ.
وَذَكَرَ الْخَطِيبُ دَارَ الْمُلْكِ الَّتِي بِالْمُخَرَّمِ، وَذَكَرَ الْجَوَامِعَ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَاتُ، وَذَكَرَ الْأَنْهَارَ وَالْجُسُورَ الَّتِي بِهَا، وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْمَنْصُورِ، وَمَا أُحْدِثَ بَعْدَهُ إِلَى زَمَانِهِ. وَأَنْشَدَ لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ فِي جُسُورِ بَغْدَادَ الَّتِي عَلَى دِجْلَةَ:
يَوْمٌ سَرَقْنَا الْعَيْشَ فِيهِ خِلْسَةً ... فِي مَجْلِسٍ بِفِنَاءِ دِجْلَةَ مُفْرَدِ
رَقَّ الْهَوَاءُ بِرِقَّةٍ قُدَّامَهُ ... فَغَدَوْتُ رِقًّا لِلزَّمَانِ الْمُسْعِدِ
فَكَأَنَّ دِجْلَةَ طَيْلَسَانٌ أَبْيَضُ ... وَالْجِسْرُ فِيهَا كَالطِّرَازِ الْأَسْوَدِ
وَقَالَ آخَرُ:
أَيَا حَبَّذَا جِسْرٌ عَلَى مَتْنِ دِجْلَةٍ ... بِإِتْقَانِ تَأْسِيسٍ وَحُسْنٍ وَرَوْنَقِ
جَمَالٌ وَحَسَنٌ لِلْعِرَاقِ وَنُزْهَةٌ ... وَسَلْوَةُ مَنْ أَضْنَاهُ فَرْطُ التَّشَوُّقِ