وَمَنْ عَصَاكَ فَعَاقِبْهُ مُعَاقَبَةً
تَنْهَى الظَّلُومَ وَلَا تَقْعُدْ عَلَى ضَمَدِ
وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ، بِسَنَدِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ سُئِلَ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ; أَكَانَ خَيْرًا أَمِ الْحَجَّاجُ؟ فَقَالَ: لَا أَقُولُ إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ كَانَ خَيْرًا مِنْ أَحَدٍ، وَلَكِنْ كَانَ الْحَجَّاجُ شَرًّا مِنْهُ.
وَقَدِ اتَّهَمَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَرَمَوْهُ بِالزَّنْدَقَةِ، وَلَمْ أَرَ فِيمَا ذَكَرُوهُ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ يَخَافُ اللَّهَ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَقَدِ ادَّعَى التَّوْبَةَ مِمَّا كَانَ سَفَكَ مِنَ الدِّمَاءِ فِي إِقَامَةِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَمْرِهِ.
وَقَدْ رَوَى الْخَطِيبُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ارْتَدَيْتُ الصَّبْرَ، وَآثَرْتُ الْكِتْمَانَ، وَحَالَفْتُ الْأَحْزَانَ وَالْأَشْجَانَ، وَسَامَحْتُ الْمَقَادِيرَ وَالْأَحْكَامَ حَتَّى بَلَغْتُ غَايَةَ هِمَّتِي، وَأَدْرَكْتُ نِهَايَةَ بُغْيَتِي. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
قَدْ نِلْتُ بِالْحَزْمِ وَالْكِتْمَانِ مَا عَجَزَتْ ... عَنْهُ مُلُوكُ بَنِي مَرْوَانَ إِذْ حَشَدُوا
مَا زِلْتُ أَضْرِبُهُمْ بِالسَّيْفِ فَانْتَبَهُوا ... مِنْ رَقْدَةٍ لَمْ يَنَمْهَا قَبْلَهُمْ أَحَدُ
طَفِقْتُ أَسْعَى عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِمْ ... وَالْقَوْمُ فِي مُلْكِهِمْ بِالشَّامِ قَدْ رَقَدُوا
وَمَنْ رَعَى غَنَمًا فِي أَرْضِ مَسْبَعَةٍ ... وَنَامَ عَنْهَا تَوَلَّى رَعْيَهَا الْأَسَدُ
وَقَدْ كَانَ قَتَلَهُ بِالْمَدَائِنِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ - وَقِيلَ: لِخَمْسٍ بَقِينَ.