وَمَا زَالَ يَدْعُونِي إِلَى الصَّبْرِ مَا أَرَى ... فَآبَى وَيُدْنِينِي الَّذِي لَكَ فِي صَدْرِي
وَكَانَ عَزِيزًا أَنْ تَبِيتِي وَبَيْنَنَا ... حِجَابٌ فَقَدْ أَمْسَيْتِ مِنِّي عَلَى عَشْرِ
وَأَنْكَاهُمَا وَاللَّهِ لِلْقَلْبِ فَاعْلَمِي ... إِذَا زِدْتُ مِثْلَيْهَا فَصِرْتُ عَلَى شَهْرِ
وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَيْنِ وَاللَّهِ أَنَّنِي ... أَخَافُ بِأَنْ لَا نَلْتَقِي آخِرَ الدَّهْرِ
سَأَبْكِيكِ لَا مُسْتَبْقِيًا فَيْضَ عَبْرَةٍ ... وَلَا طَالِبًا بِالصَّبْرِ عَاقِبَةَ الصَّبْرِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اجْتَازَ مَرْوَانُ وَهُوَ هَارِبٌ بِرَاهِبٍ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ الرَّاهِبُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَاهِبُ، هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ بِالزَّمَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، عِنْدِي مِنْ تَلَوُّنِهِ أَلْوَانٌ. قَالَ: هَلْ تَبْلُغُ الدُّنْيَا مِنَ الْإِنْسَانِ أَنْ تَجْعَلَهُ مَمْلُوكًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: تُحِبُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْتَ مَمْلُوكٌ لَهَا. قَالَ: فَمَا السَّبِيلُ فِي الْعِتْقِ؟ قَالَ: بُغْضُهَا وَالتَّخَلِّي عَنْهَا. قَالَ: هَذَا مَا لَا يَكُونُ. قَالَ الرَّاهِبُ: أَمَّا تَخَلِّيهَا مِنْكَ فَسَيَكُونُ، فَبَادِرْ بِالْهَرَبِ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تُبَادِرَكَ. قَالَ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ مِلْكُ الْعَرَبِ مَرْوَانُ تُقْتَلُ فِي بِلَادِ السُّودَانِ وَتُدْفَنُ بِلَا أَكْفَانِ، وَلَوْلَا أَنَّ الْمَوْتَ فِي طَلَبِكَ، لَدَلَلْتُكَ عَلَى مَوْضِعِ هَرَبِكَ.
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ: كَانَ يُقَالُ: يَقْتُلُ ع بْنُ ع بْنِ ع بْنِ ع م بْنَ م بْنِ م. يَعْنُونَ يَقْتُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَلَسَ مَرْوَانُ يَوْمًا وَقَدْ أُحِيطَ بِهِ، وَعَلَى رَأْسِهِ خَادِمٌ لَهُ