أَرْبَعَةُ أَنْبِيَاءَ أَحْيَاءٌ، اثْنَانِ فِي الْأَرْضِ: إِلْيَاسُ وَالْخَضِرُ، وَاثْنَانِ فِي السَّمَاءِ: إِدْرِيسُ وَعِيسَى. وَقَدْ قَدَّمْنَا قَوْلَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ إِلْيَاسَ وَالْخَضِرَ يَجْتَمِعَانِ فِي كُلِّ عَامٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَنَّهُمَا يَحُجَّانِ كُلَّ سَنَةٍ، وَيَشْرَبَانِ مِنْ زَمْزَمَ شَرْبَةً تَكْفِيهُمَا إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ. وَأَوْرَدْنَا الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ بِعَرَفَاتٍ كُلَّ سَنَةٍ، وَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ: أَنَّ الْخَضِرَ مَاتَ، وَكَذَلِكَ إِلْيَاسُ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. وَمَا ذَكَرَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَغَيْرُهُ; أَنَّهُ لَمَّا دَعَا رَبَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ لَمَّا كذَّبُوهُ، وَآذَوْهُ، فَجَاءَتْهُ دَابَّةٌ لَوْنُهَا لَوْنُ النَّارِ فَرَكِبَهَا، وَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ رِيشًا، وَأَلْبَسَهُ النُّورَ، وَقَطَعَ عَنْهُ لَذَّةَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَصَارَ مَلَكِيًّا بَشَرِيًّا، سَمَاوِيًّا أَرْضِيًّا، وَأَوْصَى إِلَى الْيَسَعِ بْنِ أَخْطُوبَ، فَفِي هَذَا نَظَرٌ، وَهُوَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، الَّتِي لَا تُصَدَّقُ وَلَا تُكَذَّبُ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ صِحَّتَهَا بَعِيدَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَعْدَانِيُّ بِبُخَارَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ