وَقَدْ زِدْتُكُمْ فِي أَعْطِيَاتِكُمْ مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَاسْتَعِدُّوا، فَأَنَا السَّفَّاحُ الْهَائِجُ، وَالثَّائِرُ الْمُبِيرُ.
وَكَانَ بِهِ وَعْكٌ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَنَهَضَ عَمُّهُ دَاوُدُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرًا شُكْرًا شُكْرًا الَّذِي أَهْلَكَ عَدُوَّنَا، وَأَصَارَ إِلَيْنَا مِيرَاثَنَا مِنْ نَبِيِّنَا، أَيُّهَا النَّاسُ، الْآنَ انْقَشَعَتْ حَنَادِسُ الظُّلُمَاتِ، وَانْكَشَفَ غِطَاؤُهَا، وَأَشْرَقَتْ أَرْضُهَا وَسَمَاؤُهَا، وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَطْلَعِهَا، وَبَزَغَ الْقَمَرُ مِنْ مِبْزَغِهِ، وَرَجَعَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِهِ فِي أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ ; أَهِلِ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ بِكُمْ وَالْعَطْفِ عَلَيْكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا وَاللَّهِ مَا خَرَجْنَا فِي طَلَبِ هَذَا الْأَمْرِ لِنُكْثِرَ لُجَيْنًا وَلَا عِقْيَانًا، وَلَا لِنَحْفِرَ نَهْرًا، وَلَا لِنَبْنِيَ قَصْرًا، وَإِنَّمَا أَخْرَجَنَا الْأَنَفَةُ مِنَ ابْتِزَازِهِمْ حَقَّنَا، وَالْغَضَبُ لِبَنِي عَمِّنَا، وَلِسُوءِ سِيرَةِ بَنِي أُمَيَّةَ فِيكُمْ، وَاسْتِذْلَالُهُمْ لَكُمْ، وَاسْتِئْثَارُهُمْ بِفَيْئِكُمْ وَصَدَقَاتِكُمْ، فَلَكُمْ عَلَيْنَا ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ وَذِمَّةُ الْعَبَّاسِ أَنْ نَحْكُمَ فِيكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَنَعْمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَنَسِيرَ فِي الْعَامَّةِ مِنْكُمْ وَالْخَاصَّةِ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبًّا تَبًّا لِبَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي مَرْوَانَ آثَرُوا الْعَاجِلَةَ عَلَى الْآجِلَةِ، وَالدَّارَ الْفَانِيَةِ عَلَى الدَّارِ الْبَاقِيَةِ، فَرَكِبُوا الْآثَامَ وَظَلَمُوا الْأَنَامَ، وَارْتَكَبُوا الْمَحَارِمَ، وَغَشَوُا الْجَرَائِمَ، وَجَارُوا فِي سِيرَتِهِمْ فِي الْعِبَادِ، وَسُنَّتِهِمُ فِي الْبِلَادِ، الَّتِي بِهَا اسْتَلَذُّوا تَسَرْبُلَ الْأَوْزَارِ، وَتَجَلْبُبَ الْآصَارِ، وَمَرِحُوا فِي أَعِنَّةِ