الْجُنُودِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ لِقِتَالِ الْمُسَوِّدَةِ، فَنَهَضَ إِلَيْهِمْ أَبُو دَاوُدَ فَقَتَلَهُمْ حَتَّى كَسَرَهُمْ وَاسْتَبَاحَ مُعَسْكَرَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا، وَاصْطَفَى مِنْهُمْ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ هُنَالِكَ، ثُمَّ وَقَعَتْ كَائِنَةٌ اقْتَضَتْ أَنِ اتَّفَقَ رَأْيُ أَبِي مُسْلِمٍ مَعَ أَبِي دَاوُدَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ الْكَرْمَانِيِّ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ يَقْتُلُ أَبُو مُسْلِمٍ عَلِيَّ بْنَ جُدَيْعٍ الْكَرْمَانِيَّ فَوَقَعَ ذَلِكَ كَذَلِكَ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَوَجَّهَ قَحْطَبَةُ بْنُ شَبِيبٍ إِلَى نَيْسَابُورَ لِقِتَالِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ، وَمَعَ قَحْطَبَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ كُبَرَاءِ الْأُمَرَاءِ، مِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ بَرْمَكَ وَخَلْقٌ مِنْهُمْ، فَالْتَقَوْا مَعَ تَمِيمِ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ، وَقَدْ وَجَّهَهُ أَبُوهُ لِقِتَالِهِمْ بِطُوسَ فَقَتَلَ قَحْطَبَةُ مِنْ أَصْحَابِ نَصْرٍ نَحْوًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا فِي الْمَعْرَكَةِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ بَعَثَ إِلَى قَحْطَبَةَ مَدَدًا فِي عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ عَلَيْهِمْ عَلِيُّ بْنُ مَعْقِلٍ وَلَمَّا الْتَقَوْا قَتَلُوا مِنْ أَصْحَابِ نَصْرٍ خَلْقًا، وَقَتَلُوا تَمِيمَ بْنَ نَصْرٍ وَغَنِمُوا أَمْوَالًا جَزِيلَةً جِدًّا، ثُمَّ إِنَّ يَزِيدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ نَائِبَ مَرْوَانَ عَلَى الْعِرَاقِ بَعَثَ سَرِيَّةً مَدَدًا لِنَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَرْسَلَ أَبُو مُسْلِمٍ مِنْ جِهَتِهِ قَحْطَبَةَ بْنَ شَبِيبٍ، فَالْتَقَى مَعَهُمْ فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِجُرْجَانَ وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَامَ قَحْطَبَةُ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَحَثَّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ وَالْقِتَالِ وَذَمَّرَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِالْمُصَابَرَةِ، وَوَعَدَهُمْ عَنِ الْإِمَامِ أَنَّهُمْ يُنْصَرُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، فَقَاتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ جُنْدُ بَنِي أُمَيَّةَ وَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَغَيْرِهِمْ عَشَرَةُ آلَافٍ، مِنْهُمْ أَمِيرُ الْمَدَدِ نُبَاتَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ عَامِلُ جُرْجَانَ وَرَسَاتِيقِهَا لِابْنِ هُبَيْرَةَ فَبَعَثَ قَحْطَبَةُ بِرَأْسِهِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ.