الرَّافِضَةَ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَمَنْ تَابَعَهُ مِنَ النَّاسِ عَلَى قَوْلِهِ سُمُّوا الزَّيْدِيَّةِ وَغَالِبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْهُمْ رَافِضَةٌ وَغَالِبُ أَهْلِ مَكَّةَ إِلَى الْيَوْمِ عَلَى مَذْهَبِ الزَّيْدِيَّةِ وَفِيهِ حَقٌّ ; وَهُوَ تَعْدِيلُ الشَّيْخَيْنِ، وَبَاطِلٌ ; وَهُوَ اعْتِقَادُ تَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا، وَلَيْسَ عَلِيٌّ مُقَدَّمًا عَلَيْهِمَا، بَلْ وَلَا عُثْمَانُ عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْآثَارِ الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي سِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
ثُمَّ إِنَّ زَيْدًا عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ بِمَنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَوَاعَدَهُمْ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءَ مُسْتَهَلَّ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السُّنَّةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَى نَائِبِهِ عَلَى الْكُوفَةِ وَهُوَ الْحَكَمُ بْنُ الصَّلْتِ يَأْمُرُهُ بِجَمْعِ النَّاسِ كُلِّهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَجَمَعَ النَّاسَ لِذَلِكَ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ سَلْخَ الْمُحَرَّمِ، قَبْلَ خُرُوجِ زَيْدٍ بِيَوْمٍ، وَخَرَجَ زَيْدٌ بِمَنْ مَعَهُ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ، وَرَفَعَ أَصْحَابَهُ النِّيرَانَ، وَجَعَلُوا يُنَادُونَ: يَا مَنْصُورُ يَا مَنْصُورُ. فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ إِذَا قَدِ اجْتَمَعَ مَعَهُ مِائَتَانِ وَثَمَانِيَةَ عَشْرَ رَجُلًا، فَجَعَلَ زَيْدٌ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَيْنَ النَّاسُ؟ فَقِيلَ: هُمْ فِي الْمَسْجِدِ مَحْصُورُونَ. وَكَتَبَ الْحَكَمُ بْنُ الصَّلْتِ إِلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ يُعْلِمُهُ