وَأَنْتَ تَقْذِفُ الْمُحْصَنَةَ؟ ! فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] ، وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ حَقٌّ.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخْلُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَمْتَدِحُهُ بِقَصِيدَةٍ، وَعِنْدَهُ الشُّعَرَاءُ الثَّلَاثَةُ جَرِيرٌ، وَالْفَرَزْدَقُ، وَالْأَخْطَلُ فَلَمْ يَعْرِفْهُمُ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْأَعْرَابِيِّ: هَلْ تَعْرِفُ أَهَجَى بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْلُ جَرِيرٍ:
فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ ... فَلَا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلَا كِلَابًا
فَقَالَ: أَحْسَنْتَ، فَهَلْ تَعْرِفُ أَمْدَحَ بَيْتٍ قِيلَ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْلُ جَرِيرٍ:
أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا ... وَأَنْدَى الْعَالَمِينَ بُطُونَ رَاحٍ
فَقَالَ: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ، فَهَلْ تَعْرِفُ أَرَقَّ بَيْتٍ قِيلَ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْلُ جَرِيرٍ:
إِنَّ الْعُيُونَ الَّتِي فِي طَرْفِهَا مَرَضٌ ... قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلَانَا
يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حَتَّى لَا حَرَاكَ بِهِ ... وَهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقِ اللَّهِ أَرْكَانًا
فَقَالَ: أَحْسَنْتَ، فَهَلْ تَعْرِفُ جَرِيرًا؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ وَإِنِّي إِلَى رُؤْيَتِهِ لَمُشْتَاقٌ. قَالَ: فَهَذَا جَرِيرٌ وَهَذَا الْأَخْطَلُ وَهَذَا الْفَرَزْدَقُ. فَأَنْشَأَ الْأَعْرَابِيُّ