سَنَةُ عَشْرٍ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ
فِيهَا قَاتَلَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مَلِكَ التُّرْكِ الْأَعْظَمَ خَاقَانَ فِي جُمُوعٍ عَظِيمَةٍ، فَتَوَاقَفُوا نَحْوًا مِنْ شَهْرٍ، ثُمَّ هَزَمَ اللَّهُ خَاقَانَ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ، وَرَجَعَ مَسْلَمَةُ سَالِمًا غَانِمًا، فَسَلَكَ عَلَى مَسْلَكِ ذِي الْقَرْنَيْنِ فِي رُجُوعِهِ إِلَى الشَّامِ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْغَزْوَةُ غُزَاةُ الطِّينِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ سَلَكُوا عَلَى مَغَارِقَ وَمَوَاضِعَ غَرَقٍ فِيهَا دَوَابُّ كَثِيرَةٌ، وَتَوَحَّلَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَمَا نَجَوْا حَتَّى قَاسَوْا شَدَائِدَ وَأَهْوَالًا صِعَابًا وَشِدَادًا عِظَامًا.
وَفِيهَا دَعَا أَشْرَسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ نَائِبُ خُرَاسَانَ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِسَمَرْقَنْدَ وَمَنْ وَرَاءَ النَّهْرِ إِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، وَأَسْلَمُوا غَالِبُهُمْ، ثُمَّ طَالَبَهُمْ بِالْجِزْيَةِ، فَنَصَبُوا لَهُ الْحَرْبَ وَقَاتَلُوهُ، ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التُّرْكِ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ، أَطَالَ ابْنُ جَرِيرٍ بَسْطَهَا وَشَرْحَهَا فَوْقَ الْحَاجَةِ.
وَفِيهَا أَرْسَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ هِشَامٌ، عُبَيْدَةَ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ مُتَوَلِّيًا عَلَيْهَا، فَلَمَّا وَصَلَ جَهَّزَ ابْنَهُ وَأَخَاهُ فِي جَيْشٍ، فَالْتَقَوْا مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا،