وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّبَيْرِيُّ: قَالَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ لِكُثَيِّرِ عَزَّةَ: مَا الَّذِي يَدْعُوكَ إِلَى مَا تَقُولُ مِنَ الشِّعْرِ فِي عَزَّةَ وَلَيْسَتْ عَلَى مَا تَصِفُ مِنَ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ؟ ! فَلَوْ قُلْتَ ذَلِكَ فِيَّ وَفِي أَمْثَالِي، فَأَنَا أَشْرَفُ وَأَفْضَلُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا أَرَادَتْ أَنْ تَخْتَبِرَهُ وَتَبْلُوَهُ، فَقَالَ:
صَحَا قَلْبُهُ يَا عَزُّ أَوْ كَادَ يَذْهَلُ ... وَأَضْحَى يُرِيدُ الصَّوْمَ أَوْ يَتَبَدَّلُ
وَكَيْفَ يُرِيدُ الصَّوْمَ مَنْ هُوَ وَامِقٌ ... لِعَزَّةَ لَا قَالٍ وَلَا مُتَبَذِّلُ
إِذَا وَصَلَتْنَا خُلَّةٌ كَيْ تُزِيلُنَا ... أَبَيْنَا وَقُلْنَا الْحَاجِبِيَّةُ أَوَّلُ
سَنُولِيكِ عُرْفًا إِنْ أَرَدْتِ وِصَالَنَا ... وَنَحْنُ لِتِيكَ الْحَاجِبِيَّةِ أَوْصَلُ
وَحَدَّثَهَا الْوَاشُونَ أَنِّي هَجَرْتُهَا ... فَحَمَلَهَا غَيْظًا عَلَيَّ الْمُحَمِّلُ
فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَقَدْ جَعَلَتْنِي خُلَّةً وَلَسْتُ لَكَ بِخُلَّةٍ، وَهَلَّا قُلْتَ كَمَا قَالَ جَمِيلٌ فَهُوَ وَاللَّهِ أَشْعَرُ مِنْكَ حَيْثُ يَقُولُ:
يَا رُبَّ عَارِضَةٍ عَلَيْنَا وَصْلَهَا ... بِالْجِدِّ تَخْلِطُهُ بِقَوْلِ الْهَازِلِ
فَأَجَبْتُهَا بِالْقَوْلِ بَعْدَ تَسَتُّرٍ ... حُبِّي بُثَيْنَةَ عَنْ وِصَالِكِ شَاغِلِي
لَوْ كَانَ فِي قَلْبِي بِقَدْرِ قُلَامَةٍ ... فَضْلٌ وَصَلْتُكِ أَوْ أَتَتْكِ رَسَائِلِي
فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُنْكِرُ فَضْلَ جَمِيلٍ وَمَا أَنَا إِلَّا حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِهِ. وَاسْتَحْيَا.