فَالْعَنْهُ أَنْتَ أَيْضًا. قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى هِشَامٍ وَاسْتَثْقَلَهُ، وَقَالَ: مَا قَدِمْتُ لِشَتْمِ أَحَدٍ وَلَا لِلَعْنَةِ أَحَدٍ، إِنَّمَا قَدِمْنَا حُجَّاجًا. ثُمَّ قَطَعَ كَلَامَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي الزِّنَادِ يُحَادِثُهُ، وَلَمَّا انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ عَرَضَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَلْحَةَ فَتَظَلَّمَ إِلَيْهِ فِي أَرْضٍ، فَقَالَهُ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ؟ قَالَ: ظَلَمَنِي. قَالَ: فَالْوَلِيدِ؟ قَالَ: ظَلَمَنِي. قَالَ: فَسُلَيْمَانَ؟ قَالَ: ظَلَمَنِي. قَالَ: فَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟ قَالَ: رَدَّهَا عَلَيَّ. قَالَ: فَيَزِيدَ؟ قَالَ: انْتَزَعَهَا مِنْ يَدِي وَهِيَ الْآنَ فِي يَدِكَ. فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: أَمَا لَوْ كَانَ فِيكَ مَضْرِبٌ لَضَرَبْتُكَ. فَقَالَ: بَلَى فِيَّ مَضْرِبٌ بِالسَّيْفِ وَالسَّوْطِ. فَانْصَرَفَ هِشَامٌ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ لِرَجُلٍ مَعَهُ: مَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنْ هَذَا.
وَفِيهَا كَانَ الْعَامِلَ عَلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالطَّائِفِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَعَلَى الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ.
وَمِمَّنْ تَوَفِّيَ فِيهَا:
سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،
أَحَدُ الْفُقَهَاءِ.
وَطَاوُسُ بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ،
مِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ تَرْجَمْنَاهُمَا فِي كِتَابِنَا " التَّكْمِيلِ " وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.