عِوَضَ الطِّينِ، وَيَكُونَ أَخَفَّ عَلَى السُّقُوفِ، فَجَمَعَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنَ الشَّامِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَقَالِيمِ، فَعَازُوا، فَإِذَا عِنْدَ امْرَأَةٍ مِنْهُ قَنَاطِيرُ مُقَنْطَرَةٌ، فَسَاوَمُوهَا فِيهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَبِيعَهُ إِلَّا بِوَزْنِهِ فِضَّةً، فَكَتَبُوا إِلَى الْوَلِيدِ فَقَالَ: اشْتَرُوهُ مِنْهَا، وَلَوْ بِوَزْنِهِ فِضَّةً. فَلَمَّا بَذَلُوا لَهَا ذَلِكَ قَالَتْ: أَمَا إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ لِلَّهِ يَكُونُ فِي سَقْفِ هَذَا الْمَسْجِدِ. فَكَتَبُوا عَلَى أَلْوَاحِهَا بِطَابَعٍ: " لِلَّهِ ". وَيُقَالُ: إِنَّهَا كَانَتْ إِسْرَائِيلِيَّةً، وَإِنَّهُ كُتِبَ عَلَى الْأَلْوَاحِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهَا: هَذَا مَا أَعْطَتْهُ الْإِسْرَائِيلِيَّةُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ: سَمِعْتُ الْمَشَايِخَ يَقُولُونَ: مَا تَمَّ بِنَاءُ مَسْجِدِ دِمَشْقَ إِلَّا بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، لَقَدْ كَانَ يَفْضُلُ عِنْدَ الرَّجُلِ مِنَ الْقَوَمَةِ يَعْنُونَ الْفَعَلَةَ الْفَأْسَ وَرَأْسَ الْمِسْمَارِ، فَيَجِيءُ حَتَّى يَضَعَهُ فِي الْخِزَانَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ الدَّمَاشِقَةِ: لَيْسَ فِي الْجَامِعِ مِنَ الرُّخَامِ شَيْءٌ إِلَّا الرُّخَامَتَانِ اللَّتَانِ فِي الْمَقَامِ مِنْ عَرْشِ بِلْقِيسَ، وَالْبَاقِي كُلُّهُ مَرْمَرٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اشْتَرَى الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْعَمُودَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ اللَّذَيْنِ تَحْتَ النَّسْرِ،