ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ
فِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنُ أَخِيهِ الْعَبَّاسُ بِلَادَ الرُّومِ، فَقَتَلَا خَلْقًا كَثِيرًا، وَفَتَحَا حُصُونًا كَثِيرَةً; مِنْهَا حِصْنُ سُورِيَّةَ وَعَمُّورِيَّةَ وَهِرَقْلَةَ وَقَمُودِيَّةَ، وَغَنِمَا شَيْئًا كَثِيرًا، وَأَسَرَا جَمًّا غَفِيرًا.
وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ بِلَادَ الصُّغْدِ وَنَسَفَ وَكِسَّ، وَقَدْ لَقِيَهُ هُنَالِكَ خَلْقٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ، فَظَفِرَ بِهِمْ فَقَتَلَهُمْ، وَسَارَ إِلَى بُخَارَى فَلَقِيَهُ دُونَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ التَّرْكِ، فَقَاتَلَهُمْ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ عِنْدَ مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: خَرْقَانُ. وَظَفِرَ بِهِمْ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ نَهَارُ بْنُ تَوْسِعَةَ:
وَبَاتَتْ لَهُمْ مِنَّا بِخَرْقَانَ لَيْلَةٌ ... وَلَيْلَتُنَا كَانَتْ بِخَرْقَانَ أَطْوَلَا
ثُمَّ قَصَدَ قُتَيْبَةُ وَرْدَانَ خُذَاهْ، مَلِكَ بُخَارَى، فَقَاتَلَهُ وَرْدَانُ قِتَالًا شَدِيدًا، فَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ قُتَيْبَةُ، فَرَجَعَ عَنْهُ إِلَى مَرْوَ، فَجَاءَهُ كِتَابُ الْحَجَّاجِ يُعَنِّفُهُ عَلَى الْفِرَارِ