وَكَانَ فِي أَوَّلِهَا فِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ مِنْهَا لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ اجْتِمَاعُ صَالِحِ بْنِ مُسَرِّحٍ أَمِيرِ الصُّفْرِيَّةِ، وَشَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ أَحَدِ شُجْعَانِ الْخَوَارِجِ، فَقَامَ فِيهِمْ صَالِحُ بْنُ مُسَرِّحٍ، فَأَمَرَهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ، وَأَنْ لَا يُقَاتِلُوا أَحَدًا حَتَّى يَدْعُوهُ إِلَى الدُّخُولِ مَعَهُمْ.
ثُمَّ مَالُوا إِلَى دَوَابِّ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، نَائِبِ الْجَزِيرَةِ لِأَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَخَذُوهَا فَتَقْوَوْا بِهَا، وَأَقَامُوا بِأَرْضِ دَارَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَتَحَصَّنَ مِنْهُمْ أَهْلُ دَارَا وَنَصِيبِينَ وَسِنْجَارَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ نَائِبُ الْجَزِيرَةِ خَمْسَمِائَةِ فَارِسٍ، عَلَيْهِمْ عَدِيُّ بْنُ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ، ثُمَّ زَادَهُ خَمْسَمِائَةٍ أُخْرَى، فَسَارَ فِي أَلْفٍ مِنْ حَرَّانَ إِلَيْهِمْ، وَكَأَنَّمَا يُسَاقُ إِلَى الْمَوْتِ وَهُوَ يَنْظُرُ ; لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَلَدِ الْخَوَارِجِ وَقُوَّتِهِمْ وَشِدَّةِ بِأَسِهِمْ، فَلَمَّا الْتَقَى مَعَ الْخَوَارِجِ هَزَمُوهُ هَزِيمَةً شَنِيعَةً بَالِغَةً، وَاحْتَوَوْا عَلَى مَا فِي مُعَسْكَرِهِ، وَرَجَعَ فَلُّهُمْ إِلَى