يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، يَا أَهْلَ الشِّقَاقِ، وَيَا أَهْلَ النِّفَاقِ وَمَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ، وَاللَّهِ إِنْ كَانَ أَمْرُكُمْ لَيَهُمُّنِي قَبْلَ أَنْ آتَى إِلَيْكُمْ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَبْتَلِيَكُمْ بِي، فَأَجَابَ دَعْوَتِي، إِلَّا أَنِّي سِرْتُ الْبَارِحَةَ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي الَّذِي أُؤْذِيكُمْ بِهِ، فَاتَّخَذْتُ هَذَا مَكَانَهُ - وَأَشَارَ إِلَى سَيْفِهِ - ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَجُرَّنَّهُ فِيكُمْ جَرَّ الْمَرْأَةِ ذَيْلَهَا، وَلَأَفْعَلَنَّ بِكُمْ وَلَأَصْنَعَنَّ، فَلَمَّا سَمِعُوا كَلَامَهُ جَعَلَ الْحَصَى يَتَسَاقَطُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقِيلَ: إِنَّهُ دَخَلَ الْكُوفَةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ظُهْرًا، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَهُوَ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَةٍ حَمْرَاءَ، مُتَلَثِّمٌ بِطَرَفِهَا، ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ بِالنَّاسِ. فَحَسِبَهُ النَّاسُ وَأَصْحَابَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَهَمُّوا بِهِ حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ قَامَ وَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ:
أَنَا ابْنُ جَلَا وَطَلَّاعُ الثَّنَايَا ... مَتَى أَضَعُ الْعِمَامَةَ تَعْرِفُونِي
ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْمِلُ الشَّرَّ بِحَمْلِهِ، وَأَحْذُوهُ بِنَعْلِهِ،