لَعَمْرُكَ مَا أَبْقَيْتُ فِي النَّاسِ حَاجَةً ... وَلَا كُنْتُ مَلْبُوسَ الْهُدَى مُتَذَبْذِبًا
غَدَاةَ دَعَانِي مُصْعَبٌ فَأَجَبْتُهُ ... وَقَلْتُ لَهُ أَهْلًا وَسَهْلًا وَمَرْحَبًا
أَبُوكَ حَوَارِيُّ الرَّسُولِ وَسَيْفُهُ ... فَأَنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ مِنْ خَيْرِنَا أَبَا
وَذَاكَ أَخُوكَ الْمُهْتَدَى بِضِيَائِهِ ... بِمَكَّةَ يَدْعُونَا دُعَاءً مُثَوَّبَا
وَلَمْ أَكُ ذَا وَجْهَيْنِ وَجْهٍ لِمُصْعَبٍ ... مَرِيضٍ وَوَجْهٍ لِابْنِ مَرْوَانَ إِذْ صَبَا
وَكُنْتُ امْرَأً نَاصَحْتُهُ غَيْرَ مُؤْثِرٍ ... عَلَيْهِ ابْنَ مَرْوَانَ وَلَا مُتَقَرِّبَا
إِلَيْهِ بِمَا تُقْذَى بِهِ عَيْنُ مُصْعَبٍ ... وَلَكِنَّنِي نَاصَحْتُ فِي اللَّهِ مُصْعَبَا
إِلَى أَنْ رَمَتْهُ الْحَادِثَاتُ بِسَهْمِهَا ... فَلِلَّهِ سَهْمًا مَا أَسَدَّ وَأَصْوَبَا
فَإِنْ يَكُ هَذَا الدَّهْرُ أَوْدَى بِمُصْعَبٍ ... وَأَصْبَحَ عَبْدُ اللَّهِ شِلْوًا مُلَحَّبَا
فَكُلُّ امْرِئٍ حَاسٍ مِنَ الْمَوْتِ جُرْعَةً ... وَإِنْ حَادَ عَنْهَا جُهْدَهُ وَتَهَيَّبَا
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دَمَ مَحَاجِمِهِ يُهَرِيقُهُ، فَحَسَاهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا صَنَعْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بِالدَّمِ؟ قُلْتُ: جَعَلْتُهُ فِي مَكَانٍ ظَنَنْتُ أَنَّهُ خَافٍ عَلَى النَّاسِ. قَالَ: فَلَعَلَّكَ شَرِبْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَمَنْ أَمَرَكَ أَنْ تَشْرَبَ الدَّمَ؟ وَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ، وَوَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ» .