أَنَّهُ قَالَ «مَا مِنْ رَجُلٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» . وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ مَعْقِلٌ صَلَّى عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَلَمْ يَشْهَدْ دَفْنَهُ، وَاعْتَذَرَ بِمَا لَيْسَ يُجْدِي شَيْئًا، وَرَكِبَ إِلَى قَصْرِهِ.
وَمِنْ جَرَاءَتِهِ إِقْدَامُهُ عَلَى الْأَمْرِ بِإِحْضَارِ الْحُسَيْنِ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ وَإِنْ قُتِلَ دُونَ ذَلِكَ. وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ إِلَى سُؤَالِهِ الَّذِي سَأَلَهُ فِيمَا طَلَبَ مِنْ ذَهَابِهِ إِلَى يَزِيدَ، أَوْ إِلَى مَكَّةَ، أَوْ إِلَى أَحَدِ الثُّغُورِ، فَلَمَّا أَشَارَ عَلَيْهِ شَمِرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ بِأَنَّ الْحَزْمَ أَنْ يُحْضَرَ عِنْدَكَ وَأَنْتَ تُسَيِّرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى حَيْثُ شِئْتَ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ أَوْ غَيْرِهَا، فَوَافَقَ شَمِرًا عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ مِنْ إِحْضَارِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَبَى الْحُسَيْنُ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَهُ لِيَقْضِيَ فِيهِ بِمَا يَرَاهُ ابْنُ مَرْجَانَةَ، وَقَدْ تَعِسَ وَخَابَ وَخَسِرَ، فَلَيْسَ لِابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْضُرَ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ مَرْجَانَةَ الْخَبِيثِ.
وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ كُرْدُوسٍ، عَنْ حَاجِبِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَهُ الْقَصْرَ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ، قَالَ: فَاضْطَرَمَ فِي وَجْهِهِ نَارًا - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - فَقَالَ بِكُمِّهِ هَكَذَا عَلَى وَجْهِهِ، وَقَالَ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِهَذَا أَحَدًا.
وَقَالَ شُرَيْكٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: قَالَتْ مَرْجَانَةُ لِابْنِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا خَبِيثُ، قَتَلْتَ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا تَرَى الْجَنَّةَ أَبَدًا.