فَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ عَلَى يَدَيْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ ; وَذَلِكَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ يَوْمَ السَّبْتِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، ثُمَّ اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَهُوَ سَائِرٌ لِقَصْدِ ابْنِ زِيَادٍ فِي أَرْضِ الْمَوْصِلِ فَكَانَ اجْتِمَاعُهُمَا بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: الْخَازِرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْصِلِ خَمْسَةُ فَرَاسِخَ، فَبَاتَ ابْنُ الْأَشْتَرِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ سَاهِرًا لَا يَغْتَمِضُ بِنَوْمٍ، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبَ الصُّبْحِ نَهَضَ فَعَبَّأَ جَيْشَهُ وَكَتَّبَ كَتَائِبَهُ، وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْفَجْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتٍ، ثُمَّ رَكِبَ فَنَاهَضَ جَيْشَ ابْنِ زِيَادٍ وَزَحَفَ بِجَيْشِهِ رُوَيْدًا وَهُوَ مَاشٍ فِي الرَّجَّالَةِ حَتَّى أَشْرَفَ مِنْ فَوْقِ تَلٍّ عَلَى جَيْشِ ابْنِ زِيَادٍ، فَإِذَا هُمْ لَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ نَهَضُوا إِلَى خَيْلِهِمْ وَسِلَاحِهِمْ مَدْهُوشِينَ، فَرَكَبَ ابْنُ الْأَشْتَرِ فَرَسَهُ وَجَعَلَ يَقِفُ عَلَى رَايَاتِ الْقَبَائِلِ فَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى قِتَالِ ابْنِ زِيَادٍ وَيَقُولُ: هَذَا قَاتَلُ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ جَاءَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَأَمْكَنَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، فَعَلَيْكُمْ بِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ فَعَلَ فِي ابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ فِرْعَوْنُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ! هَذَا ابْنُ زِيَادٍ قَاتِلُ الْحُسَيْنِ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَاءِ الْفُرَاتِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَنِسَاؤُهُ، وَمَنَعَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى بَلَدِهِ أَوْ يَأْتِيَ يَزِيدَ بْنَ