الْكُوفَةِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ وَهُمْ أَلْبٌ عَلَيْنَا، وَإِنَّهُ إِنْ بَايَعَكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ النَّخَعِيُّ وَحَدَهُ أَغْنَانَا عَنْ جَمِيعِ مَنْ سِوَاهُ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ يَدْعُونَهُ إِلَى الدُّخُولِ مَعَهُمْ فِي الْأَخْذِ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ، وَذَكَّرُوهُ سَابِقَةَ أَبِيهِ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: قَدْ أَجَبْتُكُمْ إِلَى مَا سَأَلْتُمْ، عَلَى أَنْ أَكُونَ أَنَا وَلِيَّ أَمْرِكُمْ. فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ الْمَهْدِيَّ قَدْ بَعَثَ الْمُخْتَارَ إِلَيْنَا وَزِيرًا لَهُ وَدَاعِيًا إِلَيْهِ. فَسَكَتَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ، فَرَجَعُوا إِلَى الْمُخْتَارِ فَأَخْبَرُوهُ، فَمَكَثَ ثَلَاثًا ثُمَّ خَرَجَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ رُءُوسِ أَصْحَابِهِ إِلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ فَقَامَ إِلَيْهِ وَاحْتَرَمَهُ وَأَكْرَمَهُ وَجَلَسَ إِلَيْهِ فَدَعَاهُ الْمُخْتَارُ إِلَى الدُّخُولِ مَعَهُمْ، وَأَخْرَجَ لَهُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يَدْعُوهُ إِلَى الدُّخُولِ مَعَ أَصْحَابِهِ مِنَ الشِّيعَةِ، فِيمَا قَامُوا فِيهِ مِنْ نُصْرَةِ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَخْذِ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ: إِنَّهُ قَدْ جَاءَتْنِي كُتُبُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ بِغَيْرِ هَذَا النِّظَامِ، فَقَالَ الْمُخْتَارُ: إِنَّ هَذَا زَمَانٌ وَذَاكَ زَمَانٌ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ: فَمَنْ يَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ. فَتَقَدَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمُخْتَارِ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ. فَقَامَ ابْنُ الْأَشْتَرِ مِنْ مَجْلِسِهِ وَأَجْلَسَ الْمُخْتَارَ فِيهِ وَبَايَعَهُ، وَدَعَا لَهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَشَرَابٍ مِنْ عَسَلٍ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ - وَكَانَ حَاضِرًا ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ هُوَ وَأَبُوهُ -: فَلَمَّا انْصَرَفَ الْمُخْتَارُ، قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ: يَا شَعْبِيُّ، وَمَاذَا تَرَى فِيمَا شَهِدَ بِهِ هَؤُلَاءِ؟ فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ قُرَّاءٌ وَأُمَرَاءٌ وَوُجُوهُ النَّاسِ، وَلَا أَرَاهُمْ يُشْهِدُونَ إِلَّا بِمَا يَعْلَمُونَ. قَالَ: