قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ هَدَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَالَ جِدَارُهَا مِمَّا رُمِيَتْ بِهِ مِنْ حِجَارَةِ الْمَنْجَنِيقِ، فَهَدَمَ الْجُدْرَانَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ النَّاسُ يَطُوفُونَ وَيُصَلُّونَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، وَجَعَلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي تَابُوتٍ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَادَّخَرَ مَا كَانَ فِي الْكَعْبَةِ مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابٍ وَطِيبٍ عِنْدَ الْخَزَّانِ، حَتَّى أَعَادَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِنَاءَهَا عَلَى مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَهَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّكْلِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمَّا أَرَادَ ابْنُ الزُّبَيْرِ هَدْمَ الْبَيْتِ شَاوَرَ النَّاسَ فِي هَدْمِهَا، فَأَشَارَ عَلَيْهِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ بِذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْشَى أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَكَ مَنْ يَهْدِمُهَا، فَلَا تَزَالُ تُهْدَمُ حَتَّى يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بِحُرْمَتِهَا، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وَهَى مِنْهَا، وَتَدَعَ بَيْتًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَأَحْجَارًا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَوِ احْتَرَقَ بَيْتُ أَحَدِكُمْ مَا رَضِيَ حَتَّى يُجَدِّدَهُ، فَكَيْفَ بِبَيْتِ رَبِّكُمْ؟ ! ثُمَّ إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ اسْتَخَارَ اللَّهَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ غَدَا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَبَدَأَ يَنْقُضُ الرُّكْنَ إِلَى الْأَسَاسِ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الْأَسَاسِ