أَلْفٍ، فَأَعْطَاهُ يَزِيدُ أَلْفَ أَلْفٍ، فَقَالَ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. فَأَعْطَاهُ أَلْفَ أَلْفٍ أُخْرَى. فَقَالَ لَهُ ابْنُ جَعْفَرٍ: وَاللَّهِ لَا أَجْمَعُ أَبَوَيَّ لِأَحَدٍ بَعْدَكَ. وَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ جَعْفَرٍ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ - وَقَدْ أَعْطَاهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ - رَأْي عَلَى بَابِ يَزِيدَ بَخَاتِيَّ مُبَرِّكَاتٍ، قَدْ قَدِمَ عَلَيْهَا هَدِيَّةٌ مِنْ خُرَاسَانَ، فَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى يَزِيدَ، فَسَأَلَهُ مِنْهَا ثَلَاثَ بَخَاتِيَّ لِيَرْكَبَ عَلَيْهَا إِلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَإِذَا وَفَدَ إِلَى الشَّامِ عَلَى يَزِيدَ. فَقَالَ يَزِيدُ لِلْحَاجِبِ: مَا هَذِهِ الْبَخَاتِيُّ الَّتِي عَلَى الْبَابِ؟ - وَلَمْ يَكُنْ شَعَرَ بِهَا - فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذِهِ أَرْبَعُمِائَةِ بُخْتِيَّةٍ جَاءَتْنَا مِنْ خُرَاسَانَ تَحْمِلُ أَنْوَاعَ الْأَلْطَافِ - وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْوَاعٌ مِنَ الْأَمْوَالِ كُلِّهَا - فَقَالَ: اصْرِفْهَا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِمَا عَلَيْهَا. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَقُولُ: أَتَلُومُونَنِي عَلَى حُسْنِ الرَّأْيِ فِي هَذَا؟ ! يَعْنِي يَزِيدَ.
وَقَدْ كَانَ يَزِيدُ فِيهِ خِصَالٌ مَحْمُودَةٌ مِنَ الْكَرَمِ وَالْحِلْمِ وَالْفَصَاحَةِ وَالشِّعْرِ وَالشَّجَاعَةِ وَحُسْنِ الرَّأْيِ فِي الْمُلْكِ، وَكَانَ ذَا جَمَالٍ، حَسَنَ الْمُعَاشَرَةِ وَكَانَ فِيهِ أَيْضًا إِقْبَالٌ عَلَى الشَّهَوَاتِ وَتَرْكُ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا حَيْوَةُ، حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ قَيْسٍ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَكُونُ خَلْفٌ مِنْ بَعْدِ سِتِّينَ سَنَةً أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا، ثُمَّ يَكُونُ خَلْفٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةٌ ; مُؤْمِنٌ وَمَنَافِقٌ وَفَاجِرٌ ".»