وَهُزِمَ النَّاسُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْجِدَارِ يَغُطُّ نَوْمًا، فَنَبَّهَهُ ابْنُهُ، فَلَمَّا فَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَرَأَى مَا صَنَعَ النَّاسُ، أَمَرَ أَكْبَرَ بَنِيهِ فَتَقَدَّمَ حَتَّى قُتِلَ، فَدَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ، فَدَعَا النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، يَحْكُمُ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مَا شَاءَ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ مِنْ " تَارِيخِهِ " مِنْ كِتَابِ الْمُجَالَسَةِ لِأَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْمَالِكِيِّ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْيَشْكُرِيُّ، ثَنَا الزِّيَادِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ (ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَهْلُ الْحَرَّةِ هَتَفَ هَاتِفٌ بِمَكَّةَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ مَسَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ جَالِسٌ يَسْمَعُ:
قُتِلَ الْخِيَارُ بَنُو الْخِيَا ... رِ ذَوُو الْمَهَابَةِ وَالسَّمَاحِ
وَالصَّائِمُونَ الْقَائِمَو ... نَ الْقَانِتُونَ أُولُو الصَّلَاحِ
الْمُهْتَدُونَ الْمُتَّقُو ... نَ السَّابِقُونَ إِلَى الْفَلَاحِ
مَاذَا بِوَاقِمَ وَالْبَقِيعِ ... مِنَ الْجَحَاجِحَةِ الصِّبَاحِ
وَبِقَاعُ يَثْرِبَ وَيْحَهُنَّ ... مِنَ النَّوَادِبِ وَالصِّيَاحِ