دُونَهُ. قَالُوا: ثُمَّ حَمَلَ شَمِرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ بِالْمَيْسَرَةِ، وَقَصَدُوا نَحْوَ الْحُسَيْنِ، فَدَافَعَتْ عَنْهُ الْفُرْسَانُ مِنْ أَصْحَابِهِ دِفَاعًا عَظِيمًا، وَكَافَحُوا دُونَهُ مُكَافَحَةً بَلِيغَةً، فَأَرْسَلُوا يَطْلُبُونَ مِنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ طَائِفَةً مِنَ الرُّمَاةِ الرَّجَّالَةِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ نَحْوًا مِنْ خَمْسِمِائَةٍ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ خُيُولَ أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ، فَعَقَرُوهَا كُلَّهَا حَتَّى بَقِيَ جَمِيعُهُمْ رَجَّالَةً، وَلَمَّا عَقَرُوا جَوَادَ الْحُرِّ بْنِ يَزِيدَ نَزَلَ عَنْهُ وَفِي يَدِهِ السَّيْفُ كَأَنَّهُ لَيْثٌ وَهُوَ يَقُولُ

إِنْ تَعْقِرُوا بِي فَأَنَا ابْنُ الْحُرِّ ... أَشْجَعُ مِنْ ذِي لِبْدَةٍ هِزَبْرِ

وَيُقَالُ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ أَمَرَ بِتَقْوِيضِ تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ الَّتِي تَمْنَعُ مِنَ الْقِتَالِ مَنْ أَتَى مِنْ نَاحِيَتِهَا، فَجَعَلَ أَصْحَابُ الْحُسَيْنِ يَقْتُلُونَ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِتَحْرِيقِهَا، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: دَعُوهُمْ يَحْرِقُونَهَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَجُوزُوا مِنْهَا وَقَدِ أُحْرِقَتْ. وَجَاءَ شَمِرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ قَبَّحَهُ اللَّهُ، إِلَى فُسْطَاطِ الْحُسَيْنِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحِهِ - يَعْنِي الْفُسْطَاطَ - وَقَالَ: ائْتُونِي بِالنَّارِ لِأُحَرِّقَهُ عَلَى مَنْ فِيهِ. فَصَاحَتِ النِّسْوَةُ وَخَرَجْنَ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: أَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَحْرِقَ أَهْلِي؟ ! أَحْرَقَكَ اللَّهُ بِالنَّارِ. وَجَاءَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ إِلَى شَمِرٍ، قَبَّحَهُ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا رَأَيْتُ أَقْبَحَ مِنْ قَوْلِكَ وَمَوْقِفِكَ هَذَا، أَتُرِيدُ أَنْ تُرْعِبَ النِّسَاءَ؟ ! فَاسْتَحْيَا، وَهَمَّ بِالرُّجُوعِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015