وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَسْمَعَ رَجُلٌ مُعَاوِيَةَ كَلَامًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ سَطَوْتَ عَلَيْهِ! فَقَالَ: إِنِّي لَأَسْتَحْيِي أَنْ يَضِيقَ حِلْمِي عَنْ أَحَدٍ مِنْ رَعِيَّتِي. وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَحْلَمَكَ! فَقَالَ: إِنِّي لَأَسْتَحْيِي أَنْ يَكُونَ جُرْمُ رَجُلٍ أَعْظَمَ مِنْ حِلْمِي.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنِّي لَأَسْتَحِي أَنْ يَكُونَ ذَنْبٌ أَعْظَمَ مِنْ عَفْوِي، أَوْ جَهْلٌ أَكْبَرَ مِنْ حِلْمِي، أَوْ تَكُونَ عَوْرَةٌ لَا أُوَارِيهَا بِسَتْرِي.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ - وَالْأَصْمَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ - قَالَا: جَرَى بَيْنَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْجَهْمِ. وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ كَلَامٌ، فَتَكَلَّمَ أَبُو الْجَهْمِ بِكَلَامٍ فِيهِ غَمٌّ لِمُعَاوِيَةَ، فَأَطْرَقَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا الْجَهْمِ، إِيَّاكَ وَالسُّلْطَانَ، فَإِنَّهُ يَغْضَبُ غَضَبَ الصِّبْيَانِ، وَيَأْخُذُ أَخْذَ الْأَسَدِ، وَإِنَّ قَلِيلَهُ يَغْلِبُ كَثِيرَ النَّاسِ. ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِمَالٍ، فَقَالَ أَبُو الْجَهْمِ فِي ذَلِكَ يَمْدَحُ مُعَاوِيَةَ:
نَمِيلُ عَلَى جَوَانِبِهِ كَأَنَّا ... إِذَا مِلْنَا نَمِيلُ عَلَى أَبِينَا
نُقَلِّبُهُ لِنُخْبِرَ حَالَتَيْهِ ... فَنُخْبَرُ مِنْهُمَا كَرَمًا وَلِينًا
وَقَالَ الْأَعْمَشُ: طَافَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَكَانَ مُعَاوِيَةُ